عشقي للغة العربية ليس وليد اليوم ولا حتى الأمس القريب، إن هذا العشق يرجع إلى زمن الطفولة حينما كان المعلمون يبذلون معنا جهداً غير عادي لتبسيطها وتسهيل قواعدها، كنا نتناقش في حفظ القصائد البسيطة، أول قصيدة حفظتها وأنا طفل كانت قصيدة «القهوة»
أنا المَحْبُـوبَــةُ السَّمْـرَة
وأُجْلَـى بِالفَنَــاجيــــــــنِ
وَعُـودُ الهِنْدِ لِيَّ عِطْــرٌ
وَذِكْرِي شَاعَ فِي الصِّينِ
كذلك قصيدة «القطة»
لِي قِطَّــــةٌ صَغِـيــــــرَه
وَاسْمُهَـــــا نَمِيــــــــــرَه
ثم بدأنا نتدرج في حفظ قصائد أطول وأكثر نضوجاً كقصيدة «بلال»
بِلاَلُ كَفَاكَ في الدُّنْيَا عَذابَا
فَهَذَا المَوْتُ يَقْتَرِبُ اقْتِرَابَا
فيرد بلال:
أَ أَرْضَى الشِّرْكَ وَالأَصْنَامَ دِيناً
وَرَبُّ العَرْشِ أَلْهَمَنِي الصَّوابَا
إلى أن وصلنا إلى قصائد شعرائنا الفطاحل من عصر ما قبل الإسلام إلى العصر الحديث.
وكانت السياسة التعليمية لمدارس معظم بل كل الدول العربية تقوم على ضرورة أن ينجح الطلاب سواء في الأقسام الأدبية أو العلمية باللغة العربية بل إن المعدل المطلوب للنجاح لم يكن يقل عن 60 في المئة بينما في بقية المواد كان معدل النجاح 50 في المئة فقط. وهذا ما جعل جميع الطلاب يتكلمون الفصحى ويكتبونها من دون أخطاء.
أما الآن فما نراه هو ابتعاد اللغة العربية عن الطلاب وخاصة طلاب القسم العلمي.
وظهرت دعوات إلى أن اللغة العربية ليست لغة العلم، وأنه ليس من الضرورة فرض هذه اللغة على الطلاب العرب.
قلت في هذا الصدد قصيدة بعنوان «العشق واللغة»، ومن أبياتها:
مَا لِي عَنِ العَـرَبِيَّةِ الفُصْحَى غِنَى
هِيَ وَحْدَهَا تَحْكِي وَتَرْوِي مَنْ أَنَـا
اللهُ كَـــرَّمَنِـــي لِأَنْطِقَ ضَــادَهَـــا
وَيَكُـــونَ قَــوْلِـي لِلْبَــرِيَّـــةِ بَيِّنَـــا
لُغَـةُ العُــرُوبَـةِ كُـرِّمَتْ مِنْ خَـالِقٍ
قُــرْآنُـــهُ العَــرَبِـيُّ جَمَّــعَ شَمْلَنَــا
إن اتهام اللغة العربية بالعجز عن استيعاب العلم الحديث اتهام باطل، فغنى اللغة العربية يفوق غنى جميع لغات العالم، كل ما نحتاجه أن نتعلمها وأن نستخدمها في شرح جميع العلوم التي تقوم الدول الأخرى بشرحها لطلابها بلغتهم الأم لا لغة دخيلة عليهم.
وللحديث بقية.