اللغة العربية إلى أين؟ (22)

ت + ت - الحجم الطبيعي

فوجئت في أحد المجالس الثقافية المهمة في أبوظبي بطرح موضوع اللغة العربية للنقاش.

ورغم أن البداية كانت إقراراً بضرورة دعم هذه اللغة وتدريسها للعرب قبل الأجانب إلا أن هذه المناقشة وصلت إلى مفرق طرق حاد. وقال أحدهم وهو على علم وثقافة عالية: نحن معك أخ خليل في ضرورة تدريس اللغة العربية لأبنائها، ولكن أن تطالب باستخدام هذه اللغة في المجالات العلمية فهذا لا نؤيدك فيه.

فالطيار يجب ومن الضرورة أن يستخدم اللغة الإنجليزية لأنه يخاطب مطارات لا علاقة لها باللغة العربية، والطبيب يدرس علم الطب الحديث الموضوع باللغة الإنجليزية، وكذلك بقية العلوم وخاصة الفضاء والذرة إلخ... ومناداتك باستخدام اللغة العربية في مناهج العلم نعتبرها غير منطقية وغير مبررة، بل هذا تعصّب.

قلت: أنا لا أتعصب للغة العربية، ولكنني لا أقبل النظر إلى هذه اللغة وكأنها لغة التخلف، صحيح أن الطيار مضطر كما هم جميع الطيارين الآخرين لاستخدام اللغة الإنجليزية في دراسته وعمله، فكل طياري العالم تعلّموا أن يخاطبوا مطارات العالم باللغة الإنجليزية، والطيار العربي لا يشذ عن هذه القاعدة ولا أحد يطلب منه استخدام لغته العربية في عمله ولكن لنأخذ موضوع الطب، ما المانع من استخدام اللغة العربية في هذا الموضوع ؟

هل يدرس الطب في فرنسا بغير اللغة الفرنسية ؟

وفي اليابان بغير اللغة اليابانية

وفي ألمانيا بغير اللغة الألمانية

لماذا تدخل جميع لغات العالم إلى علم الطب وتمنع اللغة العربية في كلية الطب في الجامعات العربية ؟

يمكن الإبقاء على المصطلحات الطبية بالإنجليزية ولكن الشرح والتفسير يمكن أن يكون باللغة العربية وأذكر جيداً أننا في جميع المراحل الثانوية كنّا ندرس الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء باللغة العربية وحتى في بعض الجامعات العربية كان الطب يدرس باللغة العربية.

وماذا يمنع من ترجمة جميع مناهج العلوم إلى اللغة العربية ؟

لقد مكنت الترجمة من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية جميع المهتمين بالأدب العالمي من التعرف إلى أدب وشعر الأمم الأخرى. ونحن في دولة الإمارات العربية ومن خلال دائرة الثقافة نقوم سنوياً بترجمة عشرات الكتب المهمة من لغاتها إلى العربية. الشاعر العربي حافظ إبراهيم عالج هذا الموضوع في قصيدته المشهورة اللغة العربية تتحدث عن نفسها ومما قالته هذه اللغة على لسان الشاعر:

وَسِعْـتُ كِتــابَ اللهِ لَفْظـاً وَغَــايَـةً

وَمَـا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَــــاتِ

فكَيفَ أَضِيقُ اليَومَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ

وَتَنْسِيقِ أَسْمَـــــاءٍ لِمُختَـرَعَــــاتِ

أنَا البَحرُ فِي أَحْشَـائِـهِ الدُّرُّ كَـامِنٌ

فَهَلْ سَأَلُــوا البَحَّـارَ عَنْ صَدَفَـاتِي

أَيُطْرِبُكُـمْ مِنْ جَـانِبِ الغَـرْبِ نَاعِبٌ

يُنَـادِي بِـوَأْدِي فِي رَبِيـعِ حَـيَـاتِـي

وللحديث بقية.

Email