اللغة العربية إلى أين؟ "20"

أجمل ما صادفني وأنا أعد منهج تدريس اللغة العربية بنحوها وصرفها وشعرها وأدبها، هو قيام وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات بتعليم الأجيال الجديدة ما سمّته «السنع الإماراتي».

وعندما قمت بالبحث عن معنى كلمة السنع في معاجم وقواميس اللغة العربية وجدت للكلمة عدة معانٍ، ولكن المعنى الذي وجدته مريحاً ومناسباً لمعنى السنع الإماراتي هو ما يلي:

السَنَعُ: هي الجمال بشكل مطلق وعام وقال ابن دريد: الأسنع هو الطويل وهو المرتفع العالي فيقال شرف أسنع، وفي الصحاح السنيعة: هي المرأة الجميلة، اللينة المفاصل اللطيفة العظام. ويقال: هذا أسنع: أي أفضل وأشرف وأطول، وكان من عادات العرب أن يطلبوا من السنيع أي الجميل أن يتلثم (يخفي وجهه) مخافة فتنة النساء.

أما السنع الإماراتي كما فهمته من خلال البحث ومراجعة ما وضعته وزارة التربية والتعليم منذ نوفمبر من عام 2019، فهو مجموعة العادات والتقاليد المتوارثة جيلاً عن جيل، أو هو بكلمة أخرى مجموعة من القوانين والقواعد التي تحكم السلوكيات والآداب في تعامل الأفراد مع غيرهم سواء كانوا من كبار السن أو الضيوف أو الأهل أو الأقارب. وهذه القوانين ليست مسجلة على ورق بل هي تقاليد وأعراف يدركها الإماراتي منذ طفولته ويلتزم بها ولا يخالفها.

وحتى يتم شرح السنع بشكل أوسع وأكثر وضوحاً نأخذ على سبيل المثال سنع المجالس، أي آداب وقوانين وقواعد حضور المجالس. في المجالس نرى الجميع قبل الدخول يقومون بخلع أحذيتهم (النعال) خارج المجلس، وإن تطور الأمر الآن فأصبح بعض أصحاب المجالس يسمحون بعدم خلع الحذاء أو النعال. وعندما تدخل المجلس تبدأ بالسلام على الحاضرين في المجلس من جهة اليمين، أو بالمصافحة أو ملامسة الأنوف وهذا العرف ألغي عندما بدأت الجائحة (كورونا). وهذه القاعدة تغيّر عندما يكون في المجلس أحد كبار الوجهاء أو الأعيان فتذهب مباشرة للسلام عليه ثم تكمل السلام على الآخرين بدءاً من اليمين.

طبعاً لن نستطيع في هذا المقال أن نذكر جميع قواعد الدخول إلى المجالس، كما أن السنع الإماراتي لا يقتصر على هذه المجالس، بل هناك قواعد وعادات حميدة ومطلوب الحفاظ عليها، وكلها تندرج تحت عنوان السنع.

وهكذا نستطيع تفسير لماذا أطلق الإماراتيون كلمة السنع على العادات والتقاليد. فالسنع هي الجمال والشرف في اللغة، والعادات المتوارثة هي أيضاً جميلة وفيها الأدب واحترام الآخر وتقدير الكبير وتكريم القادة والأعيان. وأتمنى أن تعم هذه القواعد في جميع المجتمعات العربية لما فيها من فضائل ومكارم. ولا بدّ لنا ونحن نعد مناهج تدريس اللغة العربية أن نأتي على السنع الإماراتي بالشرح المفصل.

وللحديث بقية.