اللغة العربية إلى أين؟ (11)

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد أفهم جيداً ألّا يجيد بعض شعرائنا وأدبائنا قواعد اللغة التي يتحدثون ويكتبون بها، فالموهبة الأدبية غير مقتصرة على من يدرسون الأدب واللغة العربية، بل هي نعمة إلهية يعطيها الله لبعض عباده.

وشخصياً أعرف العديد من شعراء وأدباء الإمارات العربية، الذين ينشرون إنتاجهم في الصحف، أو يصدرونها في روايات ودواوين شعرية، يلجأون إلى من يصحح لهم أخطاءهم النحوية. وفي كل صحفنا ومجلاتنا هناك مدققون للغة وقواعدها يقومون بتصحيح جميع أخطاء الأديب أو الكاتب أو الشاعر. ومع ذلك، ورغم وجود المدققين فالأخطاء واردة، وعلى وجه الخصوص في الكتب والدواوين التي يصدرها أصحابها معتمدين على قدرتهم الشخصية وحدها. ولكن الطامة الكبرى التي وجدتها كانت في خريجي وخريجات كلية اللغة العربية وآدابها، ومن مختلف الجامعات العربية.

كدت لا أصدق أنهم وأنهن أبعد ما يكونون عن فهم هذه القواعد بنحوها وصرفها، وتساءلت عن السبب:

- هل هو النسيان؟ كما ادعى بعضهم وبعضهن. رفضت هذا العذر، فما يستوعبه الطالب ويمارسه في حياته لا يمكن نسيانه.

وتأكد لي ذلك وأنا ألتقي طلاباً وطالبات ما زالوا وما زلن على مقاعد الدراسة في الجامعة، وجدتهم أيضاً غير مستوعبين لما درسوه في سنوات الجامعة وإن كانوا يحفظون بعض القواعد دون فهم ودون قدرة على تطبيق ما تم حفظه في الذاكرة.

وهنا أسجل وبوضوح تام، أن طرق تدريس اللغة العربية وآدابها تعاني عدم القدرة على جعل المتلقي مستوعباً وفاهماً لقواعد هذه اللغة التي تشرح له. إذن، فلا بد من إعادة النظر في طرق التدريس، كما لا بد من إعادة النظر في المناهج التي وضعها أساتذة نقلوا حرفياً هذه القواعد من ألفية ابن مالك أو الأجرومية.

وأقول بوضوح نحن في زمن مختلف، والمناهج يجب أن تواكب هذا الزمان وما حدث فيه من تطور وخاصة في مجال اللغات التي تستعمل في الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. نحن بحاجة ماسة إلى تبسيط مناهج اللغة العربية، وجعلها قادرة على مزاحمة ومنافسة اللغات الأخرى، التي أخذت الأجيال العربية الجديدة تلجأ إليها وتتعامل بها مع تلك الوسائل الإعلامية الجديدة. ولهذا أوجه ندائي إلى جميع المسؤولين والعاملين في مراكز ومجامع اللغة العربية، أن يقوموا بدراسة مناهج اللغة العربية في المدارس والجامعات ويعملوا جاهدين لإزالة الصعوبات وتبسيط قواعد اللغة العربية ليمكن جعل أجيالنا الصاعدة قادرة على استيعابها.

وللحديث بقية.

Email