اللغة العربية إلى أين ؟ (2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا فائدة من الندب والبكاء على ما وصلت إليه اللغة العربية من غربة عن أهلها حتى أصبحت منبوذة وغير مرحب بها لدى قطاع كبير من أهلها العرب.

لغتنا العربية لا تحتاج إلى البكاء على أطلالها بل تحتاج إلى أن يعود إليها أهلها وأن يدركوا أنها اللغة التي كرمنا بها الله سبحانه وتعالى وكلمنا بها بما أنزله من آيات بينات على النبي العربي محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم. اللهجات المحلية العربية أصبحت أشبه ما يكون بلغات أخرى غير العربية، فإذا أراد عربي من بلد ما أن يتحدث مع عربي مثله من بلد آخر لم يجد بدّاً من اللجوء إلى الفصحى التي كان العرب جميعاً يفهمونها ويتحدثون بها، إلا أننا هذه الأيام نجد أن العربي الذي لا يفهم لهجة عربية غير لهجته يلجأ إلى لغة أخرى غير العربية للتفاهم والحديث.

أما إذا طلب أحد المذيعين من مسؤول عربي أن يحدثه عن إنجازات الدائرة التي يعمل فيها فإنه لا يستطيع استخدام الفصحى ولا يستطيع جعل لهجته سهلة قابلة للفهم من الآخرين. ومما يؤسف له أنه حتى المسؤولون الكبار في الحكومات العربية المختلفة فإنهم حينما يضطرون للتحدث أو الخطابة بالفصحى فإن عظام سيبويه تتحرك في قبره لكثرة الأخطاء القواعدية التي يرتكبها ذلك المسؤول، من دون شعور بالخجل أو بالحرج كأن من حقه أن يفعل ذلك لأنه كما يقول ليس الخليل بن أحمد الفراهيدي ولا أبو الأسود الدؤلي ويكفيه أنه يخطب باللغة العربية ولا يخطب بغيرها.

قليلون جداً هم المسؤولون الذين يتقنون الخطابة أو الارتجال.

حتى الذين يقرأون خطاباتهم من الورق يقترفون عشرات الأخطاء فلا يرتجف لهم جفن ولا تهتز لهم شعرة، كأن اللحن والخطأ أمرٌ عادي لا يستحق أي عتاب أو لوم.

في قصيدتي لغتنا لا تموت قلت:

قَالَتْ: مَلَلْتُ النَّحْـوَ وَالصَّـرْفَـا

وَالاسْـمَ ثُمَّ الفِعْــلَ وَالحَـرْفَـا

فَـإِلَـى مَتَـى نَبْقَـى عَلَـى لُـغَـــةٍ

بَدَأَتْ جَمِيعُ شُمُـوعِهَـا تُطْفَـا

العِـلْــمُ مُحْـتَــــاجٌ إلَى لُـغَـــــةٍ

أُخْـرَى وَهَـذَا الأَمْــرُ لاَ يَخْفَى

فَـأَجَبْـتُ وَالـنِّيــــرانُ تَـأكُلُنِــي

وَالقَلْبُ يَرْجِفُ غَاضِباً رَجْفَـا

واللهِ أَخْجَـــلُ مِــنْ مُـنَــاقَـشَــةٍ

لَمَّـا أَجِــدْ لِخِــوَائِهَـا وَصْـفَــا

العِـلْـــمُ لاَ يَـعْـلُــــو عَلَى لُـغَــــةٍ

كَـانَتْ وَمَا زَالَـتْ هِيَ الأَكْفَــا

وللحديث بقية.

Email