أقوى من الوباء، وأسرع من انتشاره، وأخطر من تأثيره على كل شيء، كان وباء الشائعات، تلك الآفة والسم الذي يتسلل في كل مكان وكل التفاصيل ليقتلها ويدمرها، وعلى جميع الأصعدة والفئات، الشخصية والأسرية والمجتمعية، الصحية والسياسية والأمنية، كل ما يمكن تصوره. فهناك من يشغل نفسه فقط بالمراقبة واقتناص الفرص لزعزعة الأمن ونشر الفتن، وترهيب القلوب وتشويش التفكير، وهدم ما يبنى بجهد وتعب لأولئك الساهرين على البناء. لكن هؤلاء كالفيروس تماماً كل ما هم بحاجة له بيئة خصبة للانتشار، وهذا ما يفعله من يتجاوب معهم ويبدأ بنقل العدوى، التي تنتشر في وقتنا الحالي أسرع من الضوء، فوسائل التواصل الاجتماعي باتت بؤرة الانتشار.
واستغلال التشويش النفسي الذي يعيشه العالم هو أفضل فرصة لذلك، فالخوف يضعف التفكير، ويعمي الوعي ويشتت القرار. وبذلك تصبح أي معلومة تصل بمثابة قارب الأمان. دون النظر بتمعن وعمق، وهذا الأهم، فالخطورة عظيمة إن تجاهلت وهي لمسة شاشة تنقل الخبر في ثوانٍ قد تنهي بها حياة إنسان. معلومات مغلوطة وأحياناً عصابات لا نعلم مصدراً لها، لكن كل من يقامر بربح على حساب أرواح البشر من معدومي الضمير. هنا نقول كفى، توقف خذ لحظة واحدة واسأل نفسك، ما إذا كان هناك مصدر موثوق لهذا الخبر أياً كان، فلله الحمد دولتنا وفرت كل الوسائل ونشرت بوعي وشفافية كل الجهات الرسمية المسؤولة، تأكد من ذلك أولاً ومن ثم إن وجدت ما يريب فلا تنشرها بل سلمها للمسؤول عنها لتقف عندك وتكسر السلسلة.
مواجهتنا للشائعات لا تقل خطورة عن مواجهتنا للوباء، قد تكون أخطر، فنحن بحاجة لمؤثرين حقيقيين واعين صفاً ثانياً للمواجهة. أم نحتاج حظراً وحجراً افتراضياً، ليتلاءم مع المعطيات.