الكوكب الجميل

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجد نفسك هذه الأيام فارغاً، خاوياً من كل شيء، تقلب الصفحات الفارغة بلا اكتراث، تقفز إلى ذهنك فكرة، تفتش عن جواز السفر، فقد طال غيابه، لم تعد تذكر أين وضعته، مضى وقت طويل منذ أن استخدمته، كأن دهراً طويلاً مر منذ آخر رحلة سفر، أنت الذي جبت العالم، لتكتشف هذا الكوكب الذي نعيش عليه، ما أصغره وما أجمله، وها هو هذه الأيام يثبت لنا صغر حجمه بشكل فعلي، لم يعد حتى قرية صغيرة، بل أصبح مجرد حي صغير، هذا الكوكب الذي جبته شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، شاهدت ما شاهدت من الحوادث والكوارث والحروب، لم ترَ في حياتك هذا التضامن بين البشر، هذا التوحد، من أجل مواجهة الخطر، هكذا نحن في الأزمات، نظهر أفضل ما لدينا، نصبح أفضل مما نحن عليه، نصبح بشراً.

تضحك الآن كلما تذكرت تلك الأزمات التي جربتها، كم تشردت في البراري، ونمت في العراء، وتهت في الغابات، وفوق الجبال، وفي فوهة ذلك البركان الذي ثار مرة أخرى بعد سبعين عاماً من الخمود، زرت بلاد العرب والعجم، والروم والفرس، والهند والسند، وبلاد بني الأصفر وبني الأحمر، حتى وصلت إلى العالم الجديد، أمريكا، تلك القارة التي قطعتها من البحر إلى البحر، ثم اتجهت جنوباً حتى وصلت غابات الأمازون في بحثك المتواصل عن المتاعب وعن الحماقات التي كادت أن تودي بحياتك!

وها أنت الآن، تقعد تجتر الذاكرة، لقد خبا التشويق والإثارة، لا شيء سوى تلك الذكريات الجميلة التي تحتفظ بها من ذلك الزمن الجميل، زمن الأسفار والترحال والمغامرة، تتجول بائساً بين رفوف الذاكرة، تفتش عن أعظم رحلة قمت بها، وتلك قصة أخرى ربما تتحدث عنها يوماً ما!

 

 

Email