التنمّر الذاتي

ت + ت - الحجم الطبيعي

التنمر، كلمة ذاع صيتها على كل الصعد؛ الأسرية، المجتمعية، التعليمية والوظيفية، ولن نغض البصر عن أكثرها شهرة الآن ألا وهو التنمر الإعلامي. ربما ما زالت هذه الكلمة تحمل تساؤلاتها أمام البعض لأنه لم يعتدها، ولم يستشعر وجودها في زمنه، رغم وجود تصرفاتها حوله أحياناً، لكن لا وجه مقارنة بينها وبين ما نعيشه الآن. فقد أصبحت نوعاً جديداً من فيروس يتملك النفوس ويطور نفسه كل لحظة حسب الزمان والمكان. وتعريفه البسيط بأن يقوم شخص بأذية آخر لفظياً أو جسدياً أو معنوياً، ويكون هذا بشكل متعمد ومتكرر ليشعره بعدم الارتياح.

ومن زاوية أخرى لهذا الفيروس المتحول الذي يسكن العقول والنفوس، ويضعف القلوب، ويدمر العلاقات. تنمرك الذاتي، فالشخص يتنمر على ذاته، ليؤذيها وينقص منها وللأسف أحياناً أخرى يعلن رسمياً تدميرها.

فيبقى الإنسان حبيس ذاته، لا يعرف قدراته والطاقة الكامنة بداخله، فالله تعالى خلقنا جميعاً قادرين، فنحن خلقنا من الروح القادر القوي، لكن يبقى البعض لا يستشعر هذا ولا ذاك، ويتنمر على ذاته فيؤذيها بضعفه وتردده الدائم، وخوفه من كل شيء في محيطه. أجل ربما يكون للتربية والأسرة والبيئة المحيطة دور في كل هذا.

وآخر تنمره عجب عجاب، فهو لا يرى سوى نفسه، ولا يسمع سواها، ولا يهم في هذا الكون إلا شخص واحد، هو فقط. يتسلط على كل التفاصيل، والكل خاطئ وهو الوحيد الصحيح، لا يعترف بخطئه، ويلوم الآخرين ويقلل من شأنهم وحديثهم.

إن كان هذا أو ذاك، فكلاهما ضائع لا يعرف طريقه، تائهون بين ذواتهم، حبيسون بين أنفسهم، بضعف وخوف، كلاهما ينقصه أن يعرف ذاته، ويسامحها، ويتعرف عليها ويعرف ما يريد ليصل إليه. والتغير يبدأ بك أنت لأنك مسؤول عنك.

Email