علاقاتنا..

ت + ت - الحجم الطبيعي

في نهاية كل عام، وبداية آخر، يجب أن تكون لنا وقفة، وقفة حقيقية بعيدة عن أي تظاهر أو مجاملات، ليس مع الغير، بل مع أنفسنا، خلوة حقيقية بالنفس، بالروح والعقل والقلب، ربما نستمر في حياتنا معتقدين أن كل شيء على ما يرام إلى أن نصطدم بواقع حقيقي نعيشه لكن لا نراه، أو لأننا أجَّلنا النظر إليه، وخاصة عندما يكون الموضوع مرتبطاً بعلاقاتنا. وهي كالدوائر واحدة تلو الأخرى وكأنها النواة ومحيطها من الإلكترونات والبروتونات، أو الكون ومركزه أنت.

ونواتها وأهم تلك العلاقات هي علاقاتك بذاتك، بنفسك الحقيقية، بواقعها الحالي وماضيها، وبمستقبلها. أحياناً نظن أننا على ما يرام لكن مرور حدث ما ينبش قاعاً عميقاً مظلماً بداخلنا ويخرج كل ما سكنه، لأننا لم نتعامل معه بطريقة صحيحة في المرة الأولى وخزّن وبقي هناك يترصد الوقت ليخرج، لتكتشف معه صدمة أو ألماً لم يتحرر، وهذا النوع من الألم يؤثر بشكل مباشر في كل شيء، لكنك لا تعلم أنه سم خفي قاتل أحياناً لكل جميل بداخلك، وخارجك أيضاً. هنا وفي هذه اللحظة ارجع لقصتك الحقيقية واكتبها وانفض الغبار مما استتر منها ونظّف قاع كل ما تملكه، تسامح مع نفسك مع روحك ومع دواخلك، هنا هو الأساس لكل ما تريده في عالمك الخارجي وعلاقاتك الأخرى.

لننتقل للمحيط التالي أو دائرتك التالية، وهنا أن تحدد من يكون فيها، ومن الأقرب هنا هو قرارك واختيارك، فقد يكون والديك أو الزوج أو الزوجة، أو الأبناء، وقد يكون أحد الأصدقاء. كل أولئك هم اختيارك أنت. لكن الأهم هنا هو تأثير هذه العلاقات عليك أنت وعلى مشاعرك، وعلى ما يتبرمج بداخلك، لأنه سيبقى معك وبين ذكرياتك وأفكارك وتجاربك، ومنه ستبني مستقبلك. فمنها علاقات تبني بالفعل وتثمر كل الخير، لأنها العلاقات الصحية أجل والصحيحة، فصحية، لأن كل ما يؤثر على تفكيرنا ومشاعرنا مباشرة يؤثر على أجسادنا، ويتعجب البعض من كثير من الأمراض التي باتت تظهر تكراراً ولا يجد التفسير لها، لأنه عميق بعمق تلك العلاقات.

وهنا وهي رسالتي الأهم، العلاقات المسمومة، العلاقات التي تمتص منا كل الطاقات والحيوية، وتؤذي مشاعرنا وتشتت أفكارنا، وتؤثر على نفسياتنا، إلى أن ينعكس ذلك على إنجازنا وصحتنا. أجل سمّ خفي لنا، لكننا نعلم في قرارة أنفسنا أنها كذلك، لذا ابدأ في هذه اللحظة وقل كفى لكل أولئك، لا مزيد من السم في حياتي. وللتعامل مع هكذا علاقات خطوات نقرأها ببساطة، لكنها تحتاج حكمة التنفيذ:

- أن تتعرف وتصنف بالفعل تلك العلاقات فهي خطوتك الأولى، وأن تعرف نفسك نقاط قوتك وضعفك.

- لا تحاول أن تغيرهم، بل غير نفسك.

- ابتعد عن محيطهم وإن كانت دائرة قريبة، اصنع محيطك بحب وبذكاء، فلا ضرر ولا ضرار.

- ضع الحدود وأحسن استخدامها.

- تعلم التعامل مع الانعكاسات، كل انتقاد لك وهجوم من هذه الشخصيات يعكسهم هم، فكن واعياً ومنتبهاً.

العلاقات أساس كل شيء، فكن مع الله يكن الله معك، قيم و«فلتر»، وبعدها تعلم وقرر، وتوكل بيقين وابدأ التنفيذ.

Email