علاقاتك مرآتك

ت + ت - الحجم الطبيعي

تزدحم أصواتك الداخلية، ويعلو صداها، وتتداخل كل الحروف والكلمات، حتى إنك لم تعد تميز هل هو صوتي أم صوت آخر معي، هل هي أفكاري أم هي دخيلة علي. في اللحظة تمر أمامك الصور متتالية والأحداث، والذكريات، وتتشابك بين ماضٍ ومستقبل، وتنسج من خيوطها قصة جديدة مثلما تريدها أنت وبشخصياتها وتفاصيلها التي لا تمت إلى الواقع بصلة، وفجأة تملؤك مشاعر تتسرب لكل جزء فيك وتتخلَّلُك من قمة رأسك حتى أخمص قدميك، وأنت هنا بداخل الحدث، لتنطلق من كل هذا، إلى واقع عالمك الذي لا يعلم ولا يرى أياً من كل ذلك. فإن كانت النتيجة مشاعر جميلة ستعكسها هنا في هذا الواقع وكل ما يكوّنه من أشخاص ومواقف وأحداث، والعكس صحيح تماماً، فإن عشت ألماً حزناً غضباً شكاً حُكماً، كلها ستنطلق لتبحث عن مكان تفرغ فيه تلك الطاقة، وإلا انفجرت أنت بنفسك.

أمسك تلك المرآة أمامك، وتمعن كل تفاصيل الانعكاس، وأسأل السؤال الصحيح، فكل نتاج في حياتنا نتيجةٌ لسؤال، إن أحسنت السؤال، أحسنت الإجابة، وليست إجابتك فقط، بل إجابة الكون وكل ما فيه حولك. تأمل كيف تعاملت مع كل فكرة تمر وتتخللك، هل تساءلت يوماً ما تلك الأفكار، ومن أين أتت؟ ولماذا هي مستمرة لا تتوقف؟

لأنك المسؤول الأول والقائد لهذه الرحلة بكاملها، ومفتاح النجاح والسعادة والراحة والوفرة والحب والثراء والتميز والسلام والبهجة بيدك، وأنت تبحث عنه في كل مكان آخر، والمضحك أحياناً أنك تنتظره يأتيك.

وهنا سأكشف لك أكبر سر لهذا المفتاح الذي تمتلكه طوال الوقت، وهو مفتاح العلاقات.

أجل العلاقات هي السر الحقيقي الذي استوقفني كثيراً، وتأملت في كل جهاته، فهو خلف كل هذه الرغبات والأهداف والواقع، علاقاتك هي المفتاح لأي باب يطرق منك، أو من خلالك، أو من أي شيء أو شخص في عالمك.

أهمها وعلى رأس القائمة علاقتك مع نفسك، وكيف تتعامل مع كل ما يعنيها من معطيات ومتطلبات، لأن أي علاقة أخرى في عالمك أساسها علاقتك بذاتك، حتى أقرب العلاقات وهي علاقتك بربك، إن لم تعرف من أنت وكيف تتعامل معك أنت، كيف ستتعامل مع كل شيء في عالمك. لنتأتِ بعد ذلك إلى تدرج هذه العلاقات الذي يعني ترتبها ترتيب أفكارك وحياتك، وابنِ على ذلك كل شيء، وبالمعنى كل شيء، ومن ثم يكون الانعكاس لتأتي علاقة كل شيء بك وانعكاساته عليك، وهنا يكون ما نسميه في علم النفس ذكاء العلاقات أو الذكاء العاطفي.

هي منظومة من أربع أطراف رئيسة، المرسل والمتلقي (المستقبل)، الوسيلة والهدف، وأضيف طرفاً آخر، وهو أهمها من وجهة نظري، المشاعر. وتختلف الرسائل في تعاملاتك كلها لنفسك أو الآخرين، فقد تكون كلمة مسموعة أو إشارة بغضب أو رسالة مكتوبة أياً كان لن تخرج من هذه المنظومة. والمفاجأة أنها ما زالت هي الانعكاس في المرآة. لا تتعجب حتى إن لم يكن صوتك مسموعاً، أو قمت بأي عمل يبين ما في دواخلك، لكن طاقة دواخلك ستحدد تعاملك بأفكارك التي ستولّد مشاعرك، فكن واعياً منتبهاً، فعلاقاتك مرآتك.

Email