سباق الحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

وبينما كنت أعدو في سباق الحياة، شعرت بأنني ألهث، توقفت قليلاً، نظرت حولي، وجدت الجميع يعدو سريعاً، فكرت في التريث قليلاً، لتأمل المشهد، سرت متمهلاً، في هذا السباق ترى العجب.

كانت هناك جموع غفيرة من البشر يركضون في نفس هذا الطريق، كأنهم في ماراثون رياضي، البعض يعدو سريعاً، وهناك من يهرول، وثمة من يمشي، بل والغريب أن هناك من يزحف، ترى لماذا يزحف، الحياة سباق، وذلك يزحف، كان هناك أيضاً بعض الراقصين، أو لعلهم مترددين فقط، يمشون خطوة ويتراجعون خطوتين، بعض الناس عالقون من غير حراك، بعضهم يتحرك بخطوات متثاقلة.

فهو يحمل على ظهره ما يعيقه عن الحركة، لا شك أنه سباق غير عادل، الحياة ليست عادلة أصلاً، العدالة في السماء فقط، دار بخلدي، ربما عليّ مواصلة السباق، هذا التسكع لا يفيد، نظرت أمامي، سبقني كثيرون، أحدهم كان يرفع يده، كأنه يحثني على مواصلة العدو، نظرت خلفي، حتماً لست المقصود.

توقفت، وجدت صخرة على قارعة الطريق قعدت عليها، وسرعان ما اكتشفت أن هناك كثيرين غيري يجلسون لمتابعة السباق على الصخور الملقاة على قارعة الطريق، صخور كثيرة تحولت إلى منصات للمشاهدين، دار بخلدي، يبدو أنني من فريق المشاهدين، المشاهدة مريحة، لدرجة أن بعض المشاهدين غير مستعدين حتى لبذل جهد التشجيع، بعضهم يبقى طيلة حياته جالساً يشاهد من بعيد، مستمتعاً أو خائفاً من المشاركة، المشاهدة ممتعة، مسلية، بعض المتسابقين قد يثير الضحك، أو السخرية، أن تكون في منصة المشاهدين أمر جميل، لكن ربما الأجمل أن تكون من المتسابقين، فكرت قليلاً، ترى ما الذي جعلنا نتحول للمشاهدة بدلاً من المشاركة، هل هو الخوف من الخسارة، أم بسبب فقدان الجسارة، أم تراه فقدان الرغبة في المغامرة؟.

يبدو أن تلك الصخور كانت بغرض تشكيل عثرات وعقبات أمام المتسابقين، لكننا حولناها إلى منصات للمشاهدة، ضحكت، ها قد ساهمنا في إزاحة العثرات من أمام المتسابقين، ويبدو أن وجودي سبب إزعاجاً لبعض المشاهدين، فنهرني أحدهم لأني أسد مجال النظر أمامه، في تلك اللحظة، شعرت أن مكاني بين المتسابقين، على كل منا معرفة نفسه، واختيار دوره في الحياة، وإلى أي فريق ينتمي، حياة كل منا منذ الولادة وحتى الوفاة تكون في هذا السباق، قد نتعثر، وقد نتوه في منحنيات الطريق، وقد تضيع منا الفرص، وقد نتوقف لممارسة ما نحب القيام به، ولكن علينا ألا نستسلم أبداً لمتعة المشاهدة، فمتعة الحياة في المغامرة، في تلك اللحظة، انطلقت لمواصلة السباق.

Email