من مثلث الاختناق إلى مثلث السعادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

التوتر والقلق والضغوط النفسية تركيبة عميقة، وإن صح التعبير فهي دوامة، ما إن تطأها أفكارنا، نصبح أسرى لها بطريق الذهاب بلا عودة.

وبطبيعتنا البشرية فنحن نميل لهذا الشعور بالقلق من الماضي، ومن الحاضر، ومن المستقبل، ونبدأ بشحن كل طاقتنا الداخلية لتوليد طاقة مماثلة لكن تزداد وتيرتها، وهي التوتر لتولد بدوره هذه الهالة، التي تبدأ بجذب كل شيء تستطيع تخيله ليوازي ويماثل هذه المشاعر، من خوف وفشل ومشاكل بشتى أنواعها، وخلافات ونكسات وصراع داخلي، يزيد ضغط هذا الوعاء لحد الانفجار.

وتعدد أشكال هذا الانفجار فقد يكون مرضاً عضوياً، أو صرخة أو اكتئاباً أو ردة فعل إجرامية، وقد يحدث ما نسمع عنه كثيراً وإن يقرر الشخص أن يضع حداً لهذه المشاعر وهذا الخوف بقرار يراه هو أنه الخلاص؛ وهو أن ينهي حياته.

كيف وهي نعمة الخالق لنا، وفرصتنا لنكون ونحقق ما نهدف له، فوجودك في هذه الحياة ليس صدفة، بل منحه الله لك لأن لك رسالة وعمل تحققه وتنجزه، والأهم أنك تستحق هذه الفرصة لتعلم أن كل ألم وكل حزن وكل فشل، لتكون أنت.

تعلم كيف تتخلص أو تتعامل مع توترك وقلقك وخوفك، فإن كان من ماض فالماضي قد انتهى وأنت ما زلت هنا، تعلم منه وخذ العبرة وسامح نفسك وكل ما فيه، وتقدم نحو مستقبل جميل بك، أنت هنا والآن تعلم أن تعيش اللحظة وتعود لها كل ما سحبتك دوامة التفكير، فالفكرة تولد فكرة، وتعيش أنت أفكارك التي يولدها توترك، فيضيع الحاضر التي أردت أن تبني به مستقبلك، واعلم أن المستقبل آت بما نعمل به فنحن نصنعه، فتخيله جميلاً مشرقاً وليس ظلاماً دامساً.

تعلم أن الرأي الآخر يبقى رأي الآخر، يراه بمنظوره بثقافته وتجاربه، لا تأخذه أنه دستور، بل خذ ما يفيدك ودع مالا يفيدك، فكل يعكس نفسه. تعلم أن تصمت فالصمت حكمة العقلاء، وتعلم أن تتأمل وتتنفس، خذ شهيقاً واحبسه وأخرج زفيرك ببطء وأنت تحمد الله لأن أهم ما عليك أن تتعلمه هو أن تقوّي يقينك بالله، وترضى.

نحن بشر تملؤنا المشاعر نحس ونشعر بالفرح والسعادة وكذلك الألم والحزن؛ لكن تعلم أنها كلها خياراتك أنت وقرارك أنت، واحذر أن تقع في فخ مثلث الاختناق وعش الحياة مستمتعاً بمثلث السلام الروحي والسعادة بالرضى والتقبّل والاستمرارية.

Email