الخيانة..

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلمة قاسية في صداها أينما ذُكرت، وخاصة من استشعرها ومر بتفاصيلها.. الخيانة، تساءلت كثيراً، واستنفرت العديد من الإجابات في تفكيري، عن معناها الحقيقي، عن أسبابها الحقيقية، والدوافع التي تدفع بشخص لهذا السلوك.

وبالطبع، جعبتي مليئة بالعديد من البرمجات التي ترسخت بدواخلنا من المجتمع وشتى الوسائل به عن مفاهيم الخيانة وكان أبرزها وأهمها بدون منافس «الخيانات الزوجية»، رغم أن هناك العديد من الخيانات في حياتنا ومجتمعاتنا، تتخلل جميع أنواع العلاقات، وتظهر بالعديد من الصور، وتترجم بأشكال مختلفة. لكن يعود محور الأسرة المحور الرئيس التي تدور حوله جميع المواقف والسلوكيات.

ولمفهوم كلمة الخيانة، فهي تختصر بنقض العهود أو الاتفاقيات، بوسائل مختلفة وطرق عديدة، وكذلك لدوافع تبدو للوهلة الأولى اتهامات وتجاوزات. وقد التصقت الخيانة في المفهوم أو الوعي الجمعي بالرجل، وذلك لما ارتبط بعرف ومعتقدات المجتمع، أن له الحرية والقدرة على فعل أي عمل، دون الإطاحة به تحت وطأة التأنيب أو الذنب، لأنه رجل.

وبالفعل، أثبت العلم أن من يمتلك الصفات الذكورية، هو الأكثر ميلاً للخيانة. وكما نعلم أن كلاً من المرأة والرجل يحملان بداخلهما تلك الصفات، لكن كل يختلف بمقدار أي الصفات تؤثر فيه أكثر، لأننا أحياناً نصف أنثى أنها بمئة رجل، لأن الصفات الذكورية، كالقيادة والمسؤولية طغت عليها، وأحياناً أخرى نقول إنه رجل لكن كالنساء، ربما لأنه حنون أكثر من غيره من الرجال، وهذه المشاعر تخص النساء.

لكن لماذا الخيانة؟ من يخون لن يخون سوى نفسه أولاً، والأعظم، فهو يخون أمانة وميثاقاً أعلى، وهي أمانته وميثاقه مع الله، وكل تلك الحجج والأعذار، فهي مجردة من أي مصداقية، لأنه لا يبرر للآخر، بل يبرر لنفسه سوء عمله. مواجهة الخائن بفعله خطأ شائع بين الجميع، وخاصة الزوجة، فهي تعتقد أنها بكشف ستره ومواجهته، فهي تطيح به وتوقف فعله، لكن الواقع مخالف تماماً، فهو سيبدأ كل المحاولات لإثبات براءته وإخفاء أي أثر لها، وسيكون في قمة سعادته بانتصاره بذلك، وسيستمر دون تراجع. أعلم أن شعور الألم والصدمة في الطرف الآخر كبير، لكن نتائج وأثر ردود الفعل غير المدروسة أكبر.

الصبر والتفكر والتأني، استشارة أصحاب الخبرة، وأعني هنا المختصين، وليس من يعانون من برمجات المجتمع. الأسرة كينونة المجتمع، وأركانها رواسخ ومواثيق عظيمة. والعفو والصفح علاج الأرواح النقية.

الخيانة تدمير ذاتي موقوت، تقتل صاحبها، ومع الوقت، يفقد كل شيء، لكن قد يكون قد تأخر وفات الأوان [مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ]. وهذه قناعتي، أن من يخون يبدأ بخيانة قيمه ومبادئه ودينه ونفسه، فماذا ستعني له خيانة البشر؟.

 

 

Email