دراما

ت + ت - الحجم الطبيعي

تجد نفسك في شهر رمضان الكريم متورطاً بما يبثه التلفزيون من مسلسلات، تقلب القنوات فلا تعرف من أين تبدأ، وقد تبدأ من الأخبار التي لا تقل كآبة عن الدراما الكويتية، بكل التراجيديا والحزن والألم فيها، فتنتقل لمحطات أخرى، تتعرض من غير جهد لكمٍ هائل من الدراما، هائل جداً يكفي لقتل فيل، أين ذهبت الكوميديا، هل يعقل أن التراجيديا اكتسحت الشارع العربي لهذه الدرجة، لا بد أن يكون هناك شيء من الكوميديا في حياتنا حتى لو كانت كوميديا سوداء تعكس ما يحدث في عالمنا العربي، تواصل بحثك عن شيء مسلٍ فلا تجد متعة تلفزيونية أكثر من سماع أذان المغرب!

الواقع أنني وجدت حسنات في الدراما المحلية خصوصاً عندما تكون تاريخية، فهي توقظ ذلك الحنين إلى الماضي، جميلاً كان أو غير جميل، فهو موجود في مكان ما من ذاكرتنا على أي حال، وكذلك لا تغفل بعض الدراما المحلية استخدام تلك الكلمات المحلية القديمة التي انقرضت بفعل تطور اللهجة، كما أنها تذكرنا بماض تليد حتى لو كان أليماً أو قاسياً، وجدت ذلك في مسلسل الطواش للمخرج عارف الطويل وبطولة حسين الجسمي ونخبة من الفنانين المحليين ومن تأليف وإشراف جمال سالم.

المسلسل خفيف الظل ويعتمد على المواقف الكوميدية بالرغم من أنه يتطرق ثانوياً إلى الوضع الاقتصادي في الأربعينيات من القرن العشرين، حيث تنتهي تجارة اللؤلؤ في الخليج بسبب اللؤلؤ الياباني، وتلك قصة مهمة تحتاج إلى مسلسلات تحكيها لنا بتفاصيل درامية أكثر عمقاً.

وأعرف أنني لو تحولت للنقد الفني لهذا المسلسل لوجدت أخطاء كثيرة، في الملابس والديكور ومواقع التصوير.

الواقع أن هناك قصصاً محلية كثيرة يمكن تحويلها إلى أعمال متلفزة أو حتى سينمائية، وهناك قصص لم تجد من يكتبها، وهناك شخصيات تركت بصماتها على جدار تاريخنا المحلي، فرسان وقادة عظماء وشعراء مبدعون، وأحداث شهدتها هذه الأرض منذ آلاف السنين، ذلك يعني أن لدينا مادة غزيرة للإنتاج، نحتاج فقط لمن يضعها في القالب الصحيح.

تاريخنا زاخر، مثلاً قصص الحضارات التي عاشت على هذه الأرض، هنالك قصص وأحداث على هذه الأرض على الأقل منذ أربعة آلاف عام، وقصص العصور الإسلامية المتلاحقة، ومروراً بعصور الرحالة والمستكشفين وما تلاها من الكشوفات الجغرافية وعصور الاستعمار الهولندي والبرتغالي والإنجليزي وقصص المقاومة والبطولات، لا بد من أن هناك قصة مثيرة نريد أن نعرفها ونقرأها أو نشاهدها درامياً، هل يعني ذلك أننا نحتاج إلى كتّاب مؤرخين.

Email