يافطة الإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالأمس خرج النيوزيلنديون «في مسيرة من أجل الحب». وقبله هز مشاعرنا الإنسانية الخطاب، الذي ألقته رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أردرن، التي خشيت على بلادها، أو بالأحرى على مجتمعها من التمزق. وقبله فطرت قلوبنا على عشرات الضحايا، الذين قضوا في مجزرة مسجدي نيوزيلندا، فيما جاء خطاب رئيسة الوزراء معبراً عن موقف حازم، فهؤلاء الضحايا كما جاء فيه «هم منا»، أما مرتكب الجريمة فقد «سعى لتحقيق أمور كثيرة من عمله الإرهابي، منها الشهرة، ولهذا لن تسمعوني أذكر اسمه»، و«أناشدكم أن تتذكروا أسماء ضحايا الهجوم، بدلاً من اسم منفذه».

هناك سقط ضحايا وبين ساعة وأخرى نسمع أنباء عن سقوط آخرين هنا وهناك، ثم وبكل وحشية ينبري إما أفراد وإما جماعات أو جهات معروفة وغير معروفة للتباهي بأفعالهم اللاإنسانية، حاملين يافطات وشعارات فيها من الخروج عن الفكر الإنساني السوي ما فيها، تخيف، تقمع أي اختلاف في الرأي، تحمل السلاح وتقتل. يافطات تخرج في وضح النهار تحت مسمى الدفاع عن الأديان والعقائد، والعرقيات والطوائف وتحت جنح الظلام ترسم أجنداتها ثم تنفذ بلا رادع إنساني.

خطاب أردرن جاء من عاطفة صادقة وقوية، حين ظهرت للعالم لأول مرة رافعة يافطة الإنسانية التي تعلو على أي يافطة أخرى.. الناس حقاً ليسوا كما يصورهم البعض إما «ملائكة» أو «شياطين!»، وإنما نحن جميعاً نسمو بإنسانيتنا، ونتواضع.

Email