عصر الكتاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت أقرأ كتاباً شيقاً من الأدب المترجم، كتاباً ضخماً ممتعاً، توقفت قليلاً عندما دار بخلدي أننا في شهر القراءة وعلي إنجاز قراءة أكبر عدد من الكتب، فكرت قليلاً، ما العدد المناسب الذي يجب أن ألزم نفسي به، ثم خطرت ببالي فكرة تعميم فكرة قراءة أكبر عدد من الكتب كمسابقة بين الأبناء على غرار تحدي القراءة العربي، مشروع تحدي القراءة العربي واحدة من مبادرات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يتوسع عالمياً عاماً بعد عام، ليصبح مسابقة عالمية للقراءة، وقد شارك فيه العام الماضي طلاب من 30 دولة، إضافة إلى 14 بلداً عربياً.

وفي شهر مارس من كل عام تبذل الجهات الحكومية والخاصة في الدولة جهداً من أجل تعزيز وترسيخ القراءة وجعلها أسلوب حياة وذلك لإيمان قادتنا ورؤيتهم البعيدة السديدة بأن القراءة هي قاطرة التنمية والتطور في عالم سريع متغير، الإمارات هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقر قانوناً للقراءة، وأنشأت صندوقاً وطنياً لدعم القراءة بقيمة 100 مليون درهم، وكان عام 2016 مخصصاً بأكمله لترسيخ ثقافة القراءة.

رغم ذلك الناس مقلة في القراءة، أبناؤنا مشغولون بالأجهزة الذكية، شبابنا مشغولون بمواقع التواصل الاجتماعي، الأجيال الأكبر سناً ربما تقرأ الجريدة فقط وقلما تلتفت إلى الكتاب، مع أن الكتاب يعيش عصره الذهبي في الإمارات نظراً لكثرة دور النشر وكثرة المؤلفين الشباب وكثرة المكتبات.

وضع القراءة في الإمارات أفضل بكثير من بقية الدول العربية، لكننا نطمح دائماً للأفضل، الأرقام عن واقع القراءة في العالم العربي أكثر من صادمة، وتقارير التنمية البشرية الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ويونسكو لا تتطور منذ سنوات، ولا يزال الإنسان العربي لا يقرأ، معدل قراءته سنوياً لا يزيد على ربع صفحة، تصور أن كتاباً مثل هذا الكتاب الذي بين يدي والذي تزيد صفحاته على 450 صفحة يحتاج إلى أربعة عقود لإنجازه، الإنسان العربي يقضي متوسطاً زمنياً، بين ست وعشر دقائق في مطالعة الكتب، وإجمالي مساهمة العرب في حركة نشر الكتاب لا يزيد على 1.1% من مجمل الإنتاج العالمي، ولا مجال للمقارنة مع الشعوب الأخرى، فالإنسان الأوروبي مثلاً يقرأ نحو 200 ساعة سنوياً، والأمريكي يطالع 11 كتاباً في العام، وحركة النشر في دول أخرى عالية وتشكل صناعة مستقلة ورافداً اقتصادياً مربحاً للجميع، للمؤلف والناشر والموزع، وهنا سرحت في مقارنة بين المؤلف العربي ونظيره الغربي، وشعرت بمرارة جعلتني أتوقف عن الكلام.

Email