لماذا ننتظر؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت ذاهبة لموعد لي في العيادة، وكانت تجلس بجانبي فتاة في مقتبل العمر، وكانت شديدة التذمر والتأفف، وكان السبب أنها انتظرت كثيراً لترى الطبيبة، تأملت الموقف وذهب بي لبعد آخر.

انتظارنا، وتساءلت لقد تعودنا الانتظار في معظم أمور حياتنا إذا لم يكن جميعها، ننتظر المناسبات بشتى أنواعها، ننتظر المرض لنعالجه، ننتظر العطل لنصلحه، ننتظر نكبر لنفعل ونصنع ونتعلم، ننتظر الفرص والوقت المناسب.

مفاهيم مبعثرة تحتاج لأن توضع في مكانها الصحيح، أجل لماذا ننتظر؟ لماذا نضيع زمناً إن ذهب لن يعود؟ كم سمعنا من مدخن أنه ينتظر رمضان ليتوقف عن عادته، وآخر سيبدأ تخفيف وزنه، وأخرى تنتظر وقتاً ما لتكمل دراستها، وغيرهم ينتظر في صفوف الحياة ليجد قطار الفرصة المناسبة فيستقل قطاره.

فلنوقف الصورة قليلاً ونبعدها عن أنظارنا بعض الشيء، ونراها من بعد آخر. الوقت عامل مختلف في حياتنا، فما مضى منه مضى، وما هو آت فهو في علم الغيب، لكن أنت هنا والآن في هذه اللحظة، تأملها إن ذهبت وأنت تنتظر فسيأتي المستقبل ويصبح اللحظة وأنت ما زلت في مكانك تنتظر واللحظة التي كنت فيها رحلت ومضت، والعالم حولك تغير والأفكار تغيرت والأهداف اختلفت وأنت ما زلت تنتظر.

في تفكير علمي آخر إن خطوط الزمن متوازية وتعمل في وقت واحد، فأنت لن تكون بدون الماضي وتعيش الحاضر ليتكون في المستقبل.

فكر وضع أهدافاً ونوايا مليئة بالحب واللطف والبهجة والمثابرة والنجاح، النتيجة ستصل إليها بعمل وجد واجتهاد، فانتظارنا بدون هذه المقومات لن يفي بالغرض. اتخذ القرار الآن، أنا أتوقف الآن عن التدخين، أنا أمارس الرياضة وأفقد وزني من أجل صحتي الآن، بالفعل قد بدأت البحث في مجال الدراسة التي أرغب. أنا أعمل لأكتسب خبرات جديدة وعملي الذي يناسب قدراتي سيأتي في وقتي المناسب له.

أنت من يصنع لحظته، أما انتظار المواعيد أو الازدحام أو غيره من هذه الأمور فهي أوقات ثمينة استغلها بذكاء، اقرأ كتاباً أو موضوعاً، استمع لشيء يبهجك، تعلم لغة أو مهارة جديدة، ففي نهاية المطاف سيأتي دورك وستصل وجهتك، لكن العبرة بالخواتيم.

واعلم أن كل شيء يأتي في الوقت المناسب لك لاستقباله، وأنت مستعد كامل الاستعداد، لا شيء يتأخر إلا لخير، وقد لا يحدث لأنه خير، فالله يختار لك الخير، وأمر المؤمن كله له خير. استعدادك يبدأ بك أنت بنواياك بتفكيرك بعملك وتوكلك.

Email