كلنا متشابهون

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنت ذاهبة مع أبنائي لحديقة قرب المنزل، حيث قررت أن نبتعد قليلاً عن موجة الحياة التكنولوجية وإيجاد جو آخر لي ولأبنائي والاستمتاع بالطبيعة والجو اللطيف وخاصة في فصل الشتاء، وأن تتلامس حواسنا مع الطبيعة، ونجد نشاطات بديلة لتلك الشاشات الصغيرة.

وبالفعل أنا افترشت مكاناً لي تحت ظل شجرة على ذلك البساط الأخضر من العشب، وأغمضت عيناي وأنا أتنفس هواء نقياً ملأت به رئتي، وزفرت الكثير من الأفكار السلبية والتعب والإنهاك والروتين، وبدأت رحلتي في مغامرة جديدة لكتاب جديد.

أما أبنائي فكل اجتمع بمجموعة من الأطفال ليمارسوا ما يحبون، فهؤلاء يلعبون كرة القدم، وأولئك ركبوا دراجاتهم الهوائية، والفتيات كن كالفراشات فوق تلك الأرجوحة وكأنهن في كل مرة ترتفع فيها أرجوحتهن يطرن من زهرة لأخرى.

نظرت عن كثب واستوقفني شيء في قمة الجمال، الكل كأنه في سيمفونية لمعزوفة جميلة النسق، لا اختلال ولا اختلاف، متفاهمين وكل يعلم دوره في اللعب وفي الحركة وفي الحديث، لكن كلهم مختلفون في اللغة، في الديانة، في بلد المنشأ، في اللون، وفي الطباع، وفي نوع الأكل الذي يحبونه، وفي طريقة اللبس، وفي كثير لا أعلمه.

لكنهم وجدوا عاملاً مشتركاً خارج كل هذه الاختلافات، جمعهم شيء مشترك، كسر كل تلك الحدود، ونشر البهجة والسلام في كل التفاصيل في تلك اللحظات، أشرق بنور عبر أرواحهم حتى انهم لم يروا سوى المتعة والتعاون للوصول إلى هدف أرادوه من هذا الوقت.

جلست بجانبي امرأة من دولة أجنبية وبدأت تسألني عن بلادي، وكيف وأنها لم تكمل سوى بضعة أيام وهي تحس بسلام تام وكأنها بين أهلها، وأن الجميع متعاون لمساعدتها. تأملت حديثها وأغمضت عيني وارتسمت على وجهي ابتسامة امتنان.

أجل كلنا متشابهون، رغم الاختلاف المادي في الكثير من الأمور، الأديان، البلدان، اللغات، الألوان والأجناس، العادات والتقاليد، وغيرها الكثير، لكن تشابهت الأرواح، فرغم كل تلك الاختلافات، تفاهم من لا يملكون سوى أبسط اللغات ليستمتعوا بوقت جمعهم من مختلف الاختلافات فتفاهموا. أجل لا مكان للأحكام وللمقارنات بين شيء وآخر.

تحت قبة هذه الأرض، أرض إماراتي، اجتمع الشرق والغرب والشمال والجنوب، اجتمعت كل جنسيات ولغات العالم، اجتمعت كل الألوان والأعراق، واجتمعت كل الديانات، تحت سمائها لم نشعر بالاختلاف، تحت سمائها أشرقت شمس التسامح.

ممتنة لك إماراتي، أنت العالم وأنت قلب التسامح لكل الكون، وأنت الدليل القاطع أننا كلنا متشابهون.
 

Email