دوّن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على تويتر، تغريدات جديدة تضمنت محطات من تجربة حياة سموه. استوقفتنا عبارة لا بد من التذكير بها بين الوقت والآخر، عن المناصب التي يعتليها المسؤولون، والتي قد لا يجهل كثير منهم حقيقتها. قال سموه: "يكفي القادة الحكوميون شرفاً أن قدّر الله لهم خدمة الناس ومنفعة البلاد والعباد، وخير الناس أنفعهم للناس، ويزيد شرف القائد الحكومي ومكانته بمقدار منفعته للناس، وليس بمقدار منصبه.. ولا تغتر بمنصبك.. فهو زائل.. ويبقى ما ينفع الناس".

كثيرون يقيمون بيننا كانوا وزراء ومدراء وآخرون اعتلوا مناصب متعددة، ولكن ما زلنا نذكر لهم مواقف وما زالت لهم بصمات في جنبات المجتمع، ذلك أنهم كانوا من أكثر الناس منفعة للناس، ومن أكثرهم إخلاصا في العمل، بدليل ما حققوه من إنجازات، وما ساهموا فيه من أعمال للدولة والشعب، حتى إذا ما ذكر اسم أحدهم في مجلس تبعته عبارات الثناء والمدح والدعاء بالتوفيق، المشفوع بتعداد ما قاموا به من أعمال. على خلاف مسؤولين آخرين لا يذكرهم إلا قليل من الناس، وإن مر ذكرهم اقترن ذلك بالسلب، إذ لم يقدموا ما ينفع ولم يضيفوا بعد ما تقلدوه من مناصب للدولة ولا للشعب شيئا بقدر ما أضاف لهم المنصب، وشتان بين الصورتين، وقتها لا يكون المنصب سوى وضع منح لذلك الشخص وانتزع منه، بعد أن أضاع على الأفراد كثيرا من المنافع.

إدراك حقيقة المناصب ومسؤولياتها مسألة نسبية، ويتفاوت الأفراد في القدرة على استيعابها وتحمل تبعاتها، ومن المفترض عدم الركون بها إلى الأفراد الذين يتم تعيينهم في تلك المناصب، وزراء كانوا أو مدراء دوائر أو هيئات اتحادية أو محلية، لأن في عدم استيعابها من قبلهم أو حتى من قبل البعض منهم، مساهمة في تضييع المنافع على الأفراد وعلى الدولة، في الوقت الذي ندرك حرص قيادتنا على منفعة البلاد والعباد، وهو ما قد يتعارض مع وجود مسؤولين مكترثين بمناصبهم بشكل يفوق اكتراثهم بتحقيق المنافع فترة وجودهم في مناصبهم.

تقييم المسؤولين في الإمارات وفق ما حققوه من منافع للعباد والبلاد فترة تعيينهم في مختلف المناصب مسألة مهمة، وينبغي أن يتم التخطيط للبدء بها وفق آليات اتحادية ومحلية، فكلام صاحب السمو الشيخ محمد لم يأت من فراغ، ولولا أنه شاهد واستمع إلى وقائع تؤكد وجود نماذج لهؤلاء المسؤولين، لما وجه كلمته إليهم لكي لا يغتروا بمناصبهم، ولما أكد لهم أن الاستمرار في المناصب لن يكون إلا لما ينفع ولمن ينفع الناس.