العمالة الوافدة في دول «التعاون».. المشكلة والحلول

العمالة الوافدة في دول «التعاون».. المشكلة والحلول

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تزال دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتمد على العمالة الوافدة بشكل كبير الأمر الذي أدى إلى استقرار العديد منها لسنوات طويلة متسبباً في حدوث تغيير في التركيبة السكانية إضافة إلى حدوث العديد من الآثار السلبية الاقتصادية والاجتماعية واستنزاف الموارد المالية لدول الخليج حيث تقوم العمالة الوافدة بتحويل أموالها التي تحصل عليها إلى بلادها ومنعشة بذلك اقتصاديات دولها ورفع مستوى معيشة مواطنيها، يأتي ذلك على الرغم من التحسن الملحوظ الذي شهدته دول الخليج في حجم ونوعية العمالة الوطنية وارتفاع مهاراتها وكفاءتها.

وتسعى المؤسسات الخليجية المختصة لإيجاد حلول لمشكلة توطين الوظائف في دول المجلس لخدمة مصالحها الاقتصادية والاجتماعية وفي هذا الإطار عمم المكتب التنفيذي لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية دراسة جديدة حول العمالة الوافدة في دول المجلس وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية وسياسات مواجهة سلبياتها على وزارة العمل مؤخرا والتي أعدها اتحاد غرف دول مجلس التعاون للاستفادة منها في بلورة رؤية اقتصادية مشتركة في تعزيز منهجية توطين الوظائف. وأرجعت الدراسة التي حصلت «البيان» على نسخة منها الأسباب التي جعلت دول الخليج من أكثر الدول عالميا جذبا واستعانة للقوى العاملة الوافدة إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي بنسب كبيرة ورغبة دول الخليج ورغبة دول الخليج في الاستفادة منها في إقامة مشروعات وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وانه على الرغم من الطفرات الهائلة في نظام التعليم إلا انه عانى من عدم التناسب بين أنواع المؤهلات التي حملها المواطنون الباحثون عن العمل وبين متطلبات سوق العمل والفرص المتاحة فيه وعدم رغبة العمالة الوطنية للعمل في بعض القطاعات واتجاه غالبيتها للعمل في المهن الإدارية والتنفيذية والأعمال المكتبية والعمل في القطاع العام بالإضافة إلى الاعتماد المتزايد من مؤسسات القطاع الخاص على العمالة الوافدة وخاصة الآسيوية لرخص أجورها وعدم إبداء تذمرها من ظروف العمل في اغلب الأحيان.

وأشارت الدراسة إلى انه على الرغم الدور المهم الذي تقوم به العمالة الوافدة من خلال مشاركتها في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول المجلس ومساهمتها في سد النقص الكلي في العمالة الوطنية التي تحتاجها التنمية المتسارعة، إلا انه في المقابل هناك آثار سلبية خلفتها العمالة الأجنبية التي لم تكن تخضع لخطط مدروسة ومعايير واضحة ومحددة لاستقطابها أدى لاستقرارها في هذه الدول لسنوات طويلة مما خلق العديد من الآثار السلبية على اقتصاديات ومجتمعات دول المجلس وهى:

استمرار هيمنة العمالة الوافدة وخصوصا الاسيوية منها واستحواذها على هيكل وتركيبة سوق العمالة الخليجية خصوصا لدى مؤسسات وشركات القطاع الخاص.

تفاقم مشكلة البطالة بين مواطني دول المجلس، بسبب منافسة العمالة الوافدة للقوى العاملة الوطنية في سوق العمل.

زيادة التحويلات المالية للعمالة الوافدة إلى بلدانها، حيث بلغت هذه التحويلات خلال الفترة 1975ـ 2002 أكثر من 413 مليار دولار من دول المجلس.

زيادة الضغط على السلع والخدمات حيث تحصل العمالة الوافدة وأسرهم على خدمات التعليم والصحة واستخدام المرافق العامة دون مقابل أو بمقابل رمزي واستفادتهم من الدعم المقدم من دول المجلس لكثير من الخدمات.

إعاقة برامج تنمية الموارد البشرية في ظل تزايد إعداد العمالة الوافدة وإغراق أسواق دول التعاون من هذه العمالة التي تقبل العمل بأجور متدنية.

تزايد الضغوطات الدولية على دول المجلس سواء من قبل منظمة العمل الدولية أو المنظمات المعنية بحقوق العمال وتوجيه اتهاماتها بانتهاك حقوق العمال.

إثارة الاضطرابات العمالية والإضراب عن العمل والقيام بأعمال تخريب وحرق للممتلكات العامة والخاصة.

وهناك العديد من المشاكل الاجتماعية الكثيرة والمتنوعة ترافق العمالة الوافدة تؤثر على وحدة المجتمعات الخليجية وتماسكها.

وذكرت الدراسة انه أمام الحاجة المتنامية للتوسع في مشاريع التنمية والبنية التحتية التي تشهدها دول مجلس التعاون الخليجي، وفي ظل التزايد المستمر للاستعانة بالعمالة الوافدة ومعرفة دول التعاون بمدى الآثار السلبية على بلدانها اقتصاديا واجتماعيا وتنمويا، لذا أدركت أن الأمر يتطلب وضع رؤية خليجية لمواجهة قضية العمالة وتطوير التعاون الفني والتقني البيني وتحديث مناهج التعليم على كافة المستويات لربط التعليم باحتياجات السوق والتنمية في الدول الخليجية.

وأضافت ان موضوع العمالة أصبح على رأس الموضوعات المطروحة بقوة في اجتماعات وزراء التخطيط والتنمية ووزراء العمل كما قدمت الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون في هذا المجال مقترحات تتعلق بكيفية تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة، وكيفية وضع الاستراتيجيات والأسس لتوطين الوظائف، كما تسعى دول مجلس التعاون الخليجي حاليا إلى دراسة مشروع الخطة الإرشادية الموحدة لإنشاء نظام نموذجي موحد لمعلومات سوق العمل الخليجي وهي بصدد إعداد دراسة حول البطالة بدول المجلس ووضع الشروط المرجعية لها وتحديث البيانات الإحصائية اللازمة لإعداد هذه الدراسة.

وخرجت الدراسة بمجموعة من المقترحات لمواجهة الآثار السلبية للعمالة الوافدة وهي:

ان يقوم مجلس التعاون الخليجي بوضع استراتيجية تعاونية شاملة ومتكاملة وتشتمل على الخطط الزمنية والإجراءات العملية ذات الرؤية الواضحة والجادة في التنفيذ، تستهدف الحد من تدفق العمالة الوافدة وإحلال وتوطين العمالة الوطنية بدلا منها.

الاهتمام بأساليب تخطيط القوى العاملة وربطها بخطط وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفقا لأولوياتها المستقبلية.

تكوين أجهزة متخصصة في وزارات العمل في دول مجلس التعاون الخليجي لتجميع إحصائيات سوق العمل والمعلومات المرتبطة بالموارد البشرية، والربط الالكتروني بين هذه الأجهزة بما يسهم في التعرف على حركة العمالة الوافدة بين دول المجلس واتجاهاتها ومعدلات نموها خاصة مع قيام السوق الخليجية المشتركة.

زيادة كلفة العمالة الوافدة بصورة متوازنة مع توسيع وتطوير برامج التدريب والتأهيل للعمالة الوطنية في كافة المهن، وذلك بغرض الإحلال التدريجي للقوى العاملة الخليجية محل العمالة الأجنبية.

تحديد فترة زمنية لبقاء العامل الأجنبي في البلد منعا لتوطينها مستقبلا.

فتح أسواق العمل امام العمالة الخليجية ومعاملتها المعاملة المحلية من حيث الرواتب والمزايا وتشريعات العمل والضمان الاجتماعي.

انشاء المزيد من المشاريع التنموية والمشاريع المشتركة القادرة على استقطاب العمالة الخليجية إليها خاصة على صعيد الرواتب والأجور وظروف العمل.

تشجيع القطاع الخاص على تفضيل العمالة المحلية من خلال وضع وتطبيق نظام للحوافز من شأنه ان يشجع القطاع الخاص على الاستعانة بالعمالة المواطنة.

الاهتمام ببرامج التدريب وإعادة تأهيل القوى العاملة الخليجية بما يتواكب ومتطلبات واحتياجات السوق.

الإصلاح المستمر للنظام التعليمي وتطوير مناهج وبرامج التعليم وتحسين مخرجاته بما يتلاءم واحتياجات سوق العمل.

إعداد دراسات وبحوث ميدانية دورية للوقوف على آخر مستجدات سوق العمل لمعرفة خصائصه ومشكلاته واحتياجاته والعمل على حلها.

رفع معدلات الرواتب بالقطاع الخاص بما يقارب من القطاع الحكومي لجذب المزيد من العمالة الوطنية.

إعادة النظر في القوانين والتشريعات ونظم العمل الخليجية بما يساهم في إحلال العمالة المواطنة محل العمالة الوافدة.

تنسيق مزايا العمل والضمان الاجتماعي في القطاعين العام والخاص بما يشجع العمالة الوطنية للعمل في أنشطة القطاع الخاص، وبالتالي تقليل الاعتماد على العمالة الوافدة في هذه الأنشطة.

تشكيل أجهزة أو لجان متخصصة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي للدخول في مفاوضات موحدة بشأن استيراد العمالة الوافدة وتوظفيها مع تنسيق وتقريب شروط ومزايا التوظيف في هذه الدول وذلك للحصول على شروط أفضل في استيراد هذه العمالة سواء من حيث النوع والمهارات أو من حيث الكم.

احصائية

هيمنة آسيوية على سوق العمل

توضح الإحصائيات ان العمالة الآسيوية هي المهيمنة على سوق العمل وتشكل 9 .69% تليها العمالة العربية بنسبة 2 .23%، اما على المستوى القطري فان سلطنة عمان تستقطب من العمالة الاسيوية ما يعادل 4 .92% تليها دولة الإمارات بنسبة 1 .87% ثم مملكة البحرين بنسبة 1 .80% فدولة الكويت 4 .65% بعدها المملكة العربية السعودية 3 .59% واخيرا دولة قطر بنسبة 45.6%.

اختلال

استبعاد النساء من قوة العمل

أكدت الدراسة استبعاد نسبة كبيرة من السكان من قوة العمل، خصوصا فئة النساء بالرغم من ان عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي في تزايد مستمر حتى وصوله إلى أكثر من 1 .35 مليون نسمة عام 2006، فعلى سبيل المثال شكلت العمالة النسوية المواطنة 4 .14% من قوة العمل السعودية، وفي الكويت بلغت 6 .38%، و31% في البحرين، و26% في قطر.

متوسط

5.7% نسبة البطالة في دول «التعاون»

بلغت نسبة البطالة كمتوسط عام حوالي 7 .5% على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، وتتفاوت نسبة البطالة من دولة لأخرى ويبلغ المتوسط العام للبطالة في مملكة البحرين 3 .6% وفي المملكة العربية السعودية 05 .6% وحوالي 5 .1% في دولة الكويت، و3 .2% في كل من دولة الإمارات ودولة قطر فيما تشير بعض التقارير الى ان معدلها يبلغ 14% في سلطنة عمان عام 2006.

وتتابع دول مجلس التعاون باهتمام هذا الموضوع وتبحث في ايجاد حلول ناجحة للحد من العمالة الوافدة، واعداد كوادر وطنية مناسبة لمسيرة البناء والتطور.

أبوظبي ـ ممدوح عبد الحميد

Email