قراءة سياسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

ألقى تقرير حديث تابع للبنك الدولي، حول التطوير، نظرةً على «النماذج الفكرية» وكيف أنها «تجسد في كثير من الأحيان أفكاراً واسعة النطاق حول كيفية اشتغال العالم، ومكان المرء فيه».

كما أن البنك اختبر النماذج الفكرية حول الفقر، وذلك بالنسبة إلى خبرائه من الموظفين. إذ طرح عليهم سؤالاً حول نسبة الفقراء الذين يعتقدون بأن مستقبل العالم يعتمد في الغالب عليهم. فخمن الموظفون نسبة 20%، بينما قال الفقراء في الواقع 80%.

يتمثل مقصد التقرير في أنه لا يجب التشكيك فحسب في النماذج الفكرية، بل ينبغي اختيارها بحكمة، وذلك لإمكانية مساعدتها في الكشف عن الحقيقة، إلى حد بعيد، كنحات يقرأ تمثالاً في قطعة رخام قبل الشروع في نحتها. وأفاد التقرير بأن «النماذج الفكرية تؤثر على الأمور التي تجتذب اهتمامنا».

تعد تلك النصيحة مفيدة للعالم العربي، الواقع حاليا في اضطرابات عنيفة، أو تحت حكم مطلق، بدءاً بليبيا ووصولاً إلى سوريا. فكما يمكن القول، تحتاج المنطقة لنموذج فكري أفضل من نظام إدارة عسكري، أو نظام غير متسامح.

وتعتبر تونس مثالاً جيدا على النموذج المطلوب، وهي الدولة الواقعة في شمال أفريقيا حيث بدأ الربيع العربي في عام 2011. والدولة العربية الوحيدة التي ستستفيد من أمل الثورة بإنهاء القمع. ففي ديسمبر 2014، انتخبت تونس رئيساً جديداً، وهو الباجي قائد السبسي، في ظل دستور ديمقراطي جديد. وأخيرا، صوت برلمانه على تشكيل حكومة ائتلافية تضم خمسة أحزاب سياسية.

وفي حين لا يزال لدى تونس الكثير من المشكلات، كارتفاع معدلات البطالة، فإن هذا الكشف عن التسوية السياسية والديمقراطية ذات المبادئ ينعكس على المنطقة. إن توفير مساحة لكل من العلمانيين والإسلاميين على طاولة الحكم لا يعد أمراً سهلاً.

غير أن تونس وجدت وسيلةً لذلك. إن النموذج الفكري القديم للدول العربية بكونه غير قابل للحكم الذاتي التعددي والمتسامح، أو أنه منقسم للغاية بالنسبة إلى دور الدين، يجب أن ينتهي. وشأن موظفي البنك الدولي، يبدو أن العديد من القادة العرب الحاليين يجهلون النماذج الفكرية لشعوبهم.

 

Email