مؤشرات حرب أهلية في ليبيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ قيام الشعب الليبي بثورته ضد نظام الرئيس الليبي الأسبق الراحل معمر القذافي، الذي كتم أنفاسه طيلة أكثر من أربعة عقود، ورغم إسقاط النظام وقتل القذافي فإن الأحوال لم تتحسن ولم تهدأ، بل زادت سوءاً، وما زال صوت السلاح هو السائد، والقتال مستمر بلا انقطاع، وأعداد القتلى والجرحى تتزايد، والأحداث في ليبيا تسير وفقاً لسيناريو أكثر خطراً.

يأتي ذلك بسبب عجز السلطات المؤقتة عن السيطرة على الأمور في البلاد، وحمل جميع الأطراف للسلاح الذي بات منتشراً في كل مكان في ليبيا، والبلاد تنزلق عملياً في حرب أهلية، حيث سقط مؤخراً وفي يوم واحد، زهاء 50 فرداً من سكان طرابلس، في اشتباكات ضد من يوصفون بأنهم "الثوار السابقون".

لقد قررت السلطات فرض حالة الطوارئ نتيجة لسقوط المزيد من الضحايا بسبب هذه العمليات التي تقف وراءها، حسب اتهام السلطات، كتيبة "نسور مصراتة" التي شاركت بشراسة في عمليات إسقاط نظام القذافي منذ سنتين، وتنضم هذه الكتيبة الآن رسمياً إلى أركان التشكيلات الثورية الليبية الخاضعة، شكلاً، للمؤتمر الوطني العام.

هناك حالة غضب عام تسود مدن ليبيا وربوعها، والناس باتوا في قلق شديد من تطور وتصاعد القتال، وقد توجه عدد كبير من أهالي طرابلس إلى مقر الميليشيات في حي "غرغور"، رافعين شعارات وهتافات تطالب بإخلاء العاصمة طرابلس من جميع الثوار والمسلحين، من غير رجال الأمن، وفجأة تحولت التظاهرة إلى اشتباك مسلح عنيف، بعد إطلاق النار على المتظاهرين من جهات مختلفة.

يستهدف الثوار السابقون الاستيلاء على السلطة في ليبيا، خاصة بعد استبعادهم من المشاركة في السلطة وأجهزتها ورفض طلباتهم، ويبدو أن هؤلاء الثوار لديهم فرص كبيرة لتحقيق هدفهم، خاصة وأن الحكومة المؤقتة لا تسيطر عملياً على الأوضاع في البلاد، بل إن مسؤولي الحكومة أنفسهم يخشون على أرواحهم وعلى ذويهم. أما أفراد الشعب المصابون باليأس والإحباط فتسود بينهم حالة غليان واضحة، يتوقع أن تؤدي إلى اندلاع موجة احتجاجات جديدة، قد تجتاح كل ربوع ليبيا ومدنها.

مؤشرات هذه الحرب الأهلية الجديدة، تعكس فشل محاولات بناء نظام حكم مدني أو علماني في ليبيا، مما سيؤدي حتماً إلى زيادة نشاط المتشددين هناك، علماً بأن الدستور الجديد الذي يجب أن يحدد بنية الدولة بعد الثورة غير جاهز بعد، وتحاول المجموعات المتطرفة التأثير في مضمونه، لتضمن لنفسها وجوداً أكبر في السلطة المقبلة.

Email