إفريقيا الوسطى والتدخل الأجنبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بإجماع نادر، صوّت مجلس الأمن الدولي بالموافقة مؤخراً على مشروع قرار يسمح باستخدام القوات الأجنبية في جمهورية إفريقيا الوسطى، لاستعادة النظام المدني فيها. وبينما قد يساعد التدخل العسكري على كبح جماح العنف المنتشر هناك، ستتمثل مهمته الكبرى في إرجاع النظام الأخلاقي للبلاد.

وتحت التفويض الأممي هذا، فإن خطة فرنسا والاتحاد الإفريقي متعدد الجنسيات، تقضي بنشر 4,600 جندي في الدولة ذات الـ4.6 ملايين نسمة، وكانت الولايات المتحدة قد وعدت بتقديم دعم يقدر بنحو 40 مليون دولار أميركي. وفي حال فشل نشر القوات العسكرية في إنهاء العنف، فإن الأمم المتحدة سترسل 9000 جندي من قوات حفظ السلام التابعة لها..

وذلك على غرار القوات التي أرسلت من قبل لمجابهة مجموعات متمردة في جمهورية الكونغو القريبة. ومنذ الانقلاب في مايو الماضي، دخلت جمهورية إفريقيا الوسطى، الفقيرة اقتصادياً ولكن الغنية بالمعادن الطبيعية، في حالة من الفوضى. وتتصاعد احتمالات الإبادة الجماعية مع كل مذبحة، فضلاً عن الأعمال الوحشية في هذه المستعمرة الفرنسية السابقة. وحطمت أعمال العنف هناك دعائم العيش المشترك القديمة بين المسيحيين والمسلمين في تلك المنطقة، ودفعت العوامل الاجتماعية والدينية قادة الحرب المحليين إلى محاولة نهب ثروة البلاد والسيطرة على العاصمة بانغي، ما أدى إلى نزوح نحو 10% من السكان.

وبينما يدعو قرار الأمم المتحدة لجنة للتحقيق إلى تقصي انتهاكات حقوق الإنسان، فإن جمهورية إفريقيا الوسطى تحتاج إلى ما هو أكثر من العدالة. ويجب أن يسهل التدخل الأجنبي الحوار بين الأديان، الذي سيساعد على تجديد الوشائج بين أبناء تلك المجتمعات. فالتدخل العسكري ليس كافياً، في ظل حاجة كل قرية إلى المساعدة على الشفاء من جراح الكراهية.

ولحسن الحظ، فإن كثيراً من القادة الروحانيين من الرومان الكاثوليك والبروتستانتيين والمسلمين، عملوا سوياً وسط القتال الدائر في بعض المجتمعات، على رعاية النازحين وتهدئة التوترات. وهذا الاعتراف بالإيمان المشترك بإنسانية كل منهم، يمكن أن يكون قاعدة لاستعادة سلطة الدولة المدنية في البلاد. وقد استضافت فرنسا مؤخراً، مؤتمراً لقادة إفريقيا في العاصمة باريس، لمناقشة تداعيات تحقيق القوات الأجنبية للسلام في المنطقة..

ودفعت بوحدات من قواتها إلى إفريقيا الوسطى. لكن الموافقة الأممية على إرسال قوات عسكرية ليست رداً كافياً على الميليشيات المسلحة، بل يجب أن تدرك تلك الميليشيات رغبة المدنيين من كل الأديان بالعيش المشترك سوياً، دون عنف وباحترام متبادل.

 

Email