بالتنمية لا البنادق

ت + ت - الحجم الطبيعي

يراقب العالم بحذر التطورات الأخيرة في أفغانستان، حيث تعاني البلاد من حروب مستمرة، دولية وأهلية، لم تتوقف منذ عقود، ودفع ثمنها، وما زال، الشعب الأفغاني الذي نشأت منه أجيال لم تشهد سوى الحروب وتداعياتها المدمرة على المجتمع والدولة.

إن أفغانستان، في الظروف الحالية التي تمر بها، أحوج ما تكون إلى تكاتف بين الأطراف الأفغانية لطي صفحة التناحر والشقاق، والبناء على التحديات المشتركة التي تواجهها البلاد، وإغلاق صفحة الحروب إلى الأبد، حيث فقد الشعب الأفغاني خلال فترة الاضطراب الطويلة، فرص التنمية التي لا يمكن أن تزدهر إلا في بيئة مستقرة خالية من الحروب والتوترات. وبينما يراقب العالم بخوف وقلق المشهد الأفغاني هذه الأيام، فإن الفرصة سانحة بأن تبادر الأطراف السياسية الأفغانية إلى القيام بخطوات نحو التقارب، دون البناء على نتيجة من المنتصر ومن المهزوم، فالشعب الأفغاني الذي أرهقته هذه الحروب يستحق فسحة أمل بمستقبل يضمن له حياة كريمة في بلده، وهذا يحتم على الأطراف تعويض الفرص المهدورة من التنمية، وتحسين المستوى المعيشي لعموم الشعب الأفغاني بدون تمييز.

لم يفت الأوان على فرصة السلام الداخلي وإنقاذ الشعب الأفغاني من حرب أخرى، فقد دفع الأفغان ثمناً باهظاً من حاضرهم ومستقبلهم للحروب بين الأطراف السياسية. وقد أثبتت الوقائع المؤلمة التي مرت فيها أفغانستان أنّ الاستقرار المستدام يُبْنى من الداخل، وكل استقرار مصدره خارجي ليس سوى مرحلة مؤقتة. إن الدرس الأفغاني واضح وعميق في معانيه، فالأطراف السياسية أمام فرصة للبناء والتصالح والابتعاد عن نزعة الانتقام، فما كشفته الأيام الماضية، وقبلها، أن غالبية السكان تنأى بنفسها عن الطبقة السياسية بكافة أطرافها، وحان الوقت لعودة هذه الأطراف المتنازعة إلى الشعب.

Email