داعش والغبراء

ت + ت - الحجم الطبيعي

إلى متى يتعين على الإنسان العربي في سوريا أن يمد حبال صبره على هذه الحرب المتطاولة ضد (داعش)، والتطورات الماثلة لا تشي بحسم قريب؟

الشارع العربي يتزايد قلقه يوماً بعد يوم في ظل خفوت الاهتمام الإقليمي والدولي بهذه القضية ذات التداعيات الإنسانية المرعبة، خصوصاً بعد الانصراف نحو نقاط التهاب أخرى في الجسد العربي شغلت الجميع، ولو نسبياً، عن ليل اللاجئين الثقيل وأنين الجرحى المتصل.

التحالف الدولي ضد داعش يجب أن يتسم بدرجة الحزم التي رافقت التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن، حتى يستيقن المتطرفون في كل مكان أنهم ليسوا في مأمن وفسحة إذ يثيرون الاضطرابات ويعرضون حياة المدنيين وأمنهم للخطر والهلاك.

صحيح أن إيران هي المسؤولة بدرجة كبيرة عن ظهور تنظيم داعش في مقابل مليشياتها الطائفية وسياساتها المتغولة ضد القبائل في العراق وضد حق الشعب السوري في الانعتاق، ولكن الحرب ضد هذه الفئة الباغية لا ينبغي أن تكون كحرب داحس والغبراء التي استمرت زهاء أربعين عاماً ولا حسم أو هزيمة فيها إلا للاستقرار والأمن الاجتماعي.

لقد أثبتت التجارب كلها أن الحروب الجوية وحدها لا تحسم صراعاً عسكرياً قط، ولابد من تطوير مراحل النزال إلى مستوى التلاحم الميداني الذي يحصد ما حققته الضربات الجوية وإلا فإن المتمردين، سواء في اليمن أو في الشام، سيبقون راتعين في طول البلاد وعرضها يعبثون بحقوق الشعب في الحياة الآمنة الكريمة وإلى ما لا نهاية. من دون تدخل بري، يظل الجرح ينزف والمعاناة تتقادم وتتجدد، والعالم يعتاد شكوى الضحايا ويملها، فلا نطال بحربنا ضد الإرهاب بلح الشام ولا عنب اليمن.

لقد آن الأوان في ظل شيوع أجواء العزم الراهنة، أن توحد قوى المعارضة السورية رؤاها وترسم خارطة طريق واضحة لمرحلة ما بعد الأسد، تمهيداً لتطوير الحرب ضد التطرف من جهة وضد النظام السوري الأكثر تطرفاً من جهة ثانية، إلى مستوى الجدية والحزم والحسم.

Email