خطوات المشاركة السياسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

من دون التخلي عن فضيلة الواقعية، ومن دون إهمال لتجارب الشعوب الموازية، آلت الإمارات على نفسها اتخاذ الخطوات الموضوعية الواثقة على طريق المشاركة السياسية الشعبية لانتخاب أعضاء المجلس الوطني الاتحادي.

إن نموذج الإمارات على المستويات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية بات محط اهتمام العالم بوصفه نسيجاً وحده، وفريد عصره، في ظل ما أفرزه من نتائج أبهرت وما زالت تبهر كل العالم بعد أن وفرت الرفاه والاستقرار الاجتماعي لشعبنا، فتمنت الشعوب أن تحذو حذوه. ليس فرضاً أن تستهلك دولتنا المميزة نماذج الآخرين كسلع معلبة، وإنما يليق بها أن تهضم خبرات الإنسانية وتفرز منتجها وأسلوبها الخاص.

وهو ما تقوم به راهناً. وكما نجحت الإمارات على الصعد المختلفة، فلابد أن تنجح أيضاً في اجتراح الأنموذج السياسي الذي لا يغفل واقعها الثقافي وتراثها وتركيبتها الاجتماعية. وإذا كان البعض لا يفهم المشاركة السياسية إلا على أساس طابعها الليبرالي الغربي، فإن منطق الحال يفيد أن لكل مقام مقالاً، وكما يقول المتنبي: (وضع الندى في موضع السيف بالعلى مضر، كوضع السيف في موضع الندى).

الديمقراطية الحديثة قد تواضعت لتستوعب قيم الاشتراكية المناقضة لها، عبر تبني الضمان الاجتماعي، وتعزيز حقوق العمال، وغير ذلك، فلماذا لا تتواضع أيضاً لتستوعب قيم الهويات الشرقية المحلية، التي لها سقف تجاه الحريات مثلاً، وسقف آخر تجاه الفردانية المفرطة؟..

إن الديمقراطية غايتها المشاركة من جانب أفراد المجتمع في مراقبة وتنفيذ السلطة العامة بالطريقة التي يفضلها (غالب) الشعب وتناسبهم، وبالسوية والعدل والشفافية ووضوح الحقوق والواجبات، وكل ذلك يضمنه ويصونه دستور مرجعي جامع. هذه هي الديمقراطية أساساً وجوهراً، وليس بالضرورة أن تكون مقتفية للأثر الليبرالي العلماني الصرف كما لو كان مقدساً.

الإمارات تقدم بإخلاص صيغة مشاركة سياسية متدرجة ومنطقية تستوعب معطياتها الديمغرافية والتراثية، بما يضمن الاستقرار والسلام والنماء لإنسان هذه الأرض الطيبة التي باتت أمثولة للشعوب الأخرى.

Email