قصف مدرسة.. فشل وإجرام

ت + ت - الحجم الطبيعي

ستة عشر شهيداً وعشرات الجرحى في مدرسة تابعة لـ «أونروا» في قطاع غزة، أما ما حدث على أرض المدرسة وفي باحاتها فهو، أكبر وأشد مأساوية من أن يختزل بالأرقام. هؤلاء الناس الذين استهدفتهم حمم الموت الإسرائيلية هم أصلاً ممن احتموا بالمدرسة هرباً من القصف المتواصل على منازلهم، وظن هؤلاء الفارون أن مثل هذه الذريعة ليس لها أي أساس في مدرسة وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة.

الوكالة نفسها تؤكد أن مدارسها تعرضت للعدوان ثلاث مرات، آخرها مدرسة بيت حانون التي شهدت المجزرة الأشد عنفاً وقسوة ووحشيّة.

لكن لم تكن هذه المجزرة هي الأولى في تاريخ أسود حافل بالمجازر والدماء. ولن ينسى العالم، مجزرة مدرسة بحر البقر المصرية التي قصفتها الطائرات الإسرائيلية في حرب 1967، كما أن العالم لن ينسى تلك المجزرة المروّعة التي ارتكبتها إسرائيل حين قصفت مدرسة الفاخورة في مخيم جباليا شمال غزة في يناير 2009، خلال عدوان «الرصاص المصبوب»، ما أدى إلى استشهاد 41 مدنياً وإصابة العشرات بجروح، رغم أن الوكالة كانت سلمت لجيش الاحتلال إحداثيات المدارس في القطاع لتجنب قصفها، لكن كان رد إسرائيل بأن قصفت المقر الرئيسي للوكالة في غزة. وفي ذلك العدوان كانت حصيلة الشهداء أكثر من 1200 شهيد، الثلثان منهم أطفال تقل أعمارهم عن 16 عاماً، ونساء، ومسنون، وعاملون في الطواقم الطبية، وصحافيون، والثلث الباقي لم يكن كله مقاتلون.

كل من يتابع مسلسل الإرهاب الإسرائيلي منذ النكبة يدرك أن إسرائيل لا تضع أي خطوط حمراء لكبح جماح عدوانيتها المفرطة وعنصريتها المتجذّرة. فهذا القصف المركّز للمنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد، فضلاً عن كونه يعبّر عن عجز عسكري بيّن، يهدف لمعاقبة الشعب في غزة على وحدته وتأييده المقاومة التي تدافع عنه، بعد أن عجز المجتمع الدولي عن توفير هذه الحماية. وفي واقع الحال فإن جرائم إسرائيل وصمت العالم، أبقت للفلسطينيين القليل من خيارات.

Email