رأي البيان

رسالة حياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هي مناسبة لا موسم، فالعطاء والخير سمة ومحرك في دولة الإمارات العربية المتحدة، ونهج قيادتها الرشيدة المتوارث، منذ أول أساسات الاتحاد إلى أعلى قمم دولة المجد، وها هو الشهر الفضيل يبشر بأولى مآثره بمبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لإغاثة خمس ملايين إنسان على وجه المعمورة بمياه الشرب النظيفة.

«سقيا الإمارات» ليست كأي لفتة إنسانية، فهي تتصل بنسغ الحياة الآدمية على هذا الكوكب، بل هي شرط وجوده وحاضره ومستقبله، لا تستقيم برامج التنمية ولا خطط الازدهار وإعادة البشر إلى صراطهم الإنساني من دون الماء، كما لا سلام ولا أمن ولا استقرار مهما كانت مقوماتها صلبة في ظل الظمأ.

إذاً هي فلسفة الواقع والحقيقة والحلم، التي تنتهجها قيادتنا الحكيمة في التصدي لجذر المسألة لا مظاهرها وتبعاتها، تبحث في العمق عن الحلول، ولا تقف رؤاها بعيدة المدى عند معالجة التبعات، تبادر إلى حيث لا يلتفت دعاة التحضر، تتوغل في قلب مناطق البؤس والشقاء كونها مقدمة لبناء الإنسان المستقيم والمجتمع المتوازن، وتضعهما على أولى درجات الحضارة والرفاه.

مبادرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الجديدة، تحمل أبعد مما يمكن تخيله، فهي إذ تحرص على توفير فرصة الحياة للمهددين بفقدانها عطشاً، إنما ترسخ دروساً غاية في الأهمية للبشرية، التي ربما نسيت غايتها الأولى في خضم الصراعات على مصالح ومكاسب زائلة. هي دعوة عالمية لوقف التفريط بشرط الحياة الأساسي بين مدافع الحروب، وبيادق النزاعات، فلا تعير مصادر المياه العذبة اهتمامها، بل تدمر عذوبتها، ومعها مستقبل أجيال كاملة.

إنقاذ خمس ملايين ظامئ، هو في حقيقته إنقاذ أجيال كاملة، وضمانة المستقبل المطمئن الخالي من دوافع السطو على مصادر مياه الآخرين، ومعادلة عشر قطرات دم مقابل قطرة ماء.

عظة جديدة ونموذج جديد ورسالة عذبة من الإمارات إلى العالم: لا شيء يطفئ لظى التوترات، ويروي الظمأ لحياة عادلة.. سوى الماء.

Email