على طريق الانتفاضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لماذا لا يخشى الفلسطينيون الموت؟ وما سر إقبالهم عليه بكل حب؟ وما هي أيدلوجية عقول شبابهم؟ وكيف كرسوا أنفسهم للشهادة؟ وهل إسرائيل ستعمل بنهج فرنسا إبان استعمار الجزائر بسحب السكاكين من المطابخ وتعليق واحدة في ميادين كل حي؟ وما سر فشل الحكومة الصهيونية في احتواء الهبّة؟ وما هي خطط مواجهة الانتفاضة؟ وكيف ستتعامل الفصائل الفلسطينية مع الظرف الحالي؟

هي تساؤلات لا تحتاج جميعها إلى أجوبة؛ فالشعب الفلسطيني يعشق المقاومة والشهادة كعشقه للحياة؛ مقبل عليها كطفل غيور على دمائه؛ فالجيل الشاب استذكر تاريخه بآبائه وأجداده؛ ثم استحضر حاله فاكتشف أنه بلا حياة؛ هذا الواقع المرير شكّل صدمة إيجابية لصبية أصبحوا بلحظة رجالا، وانطلقوا بلا أطر في معركة الشهادة والحياة.

هبّة كانت كعاصفة على حكومة الاحتلال، فلا قيادة للمقاومة تفاوضها ولا سلطة متماسكة تقنعها، ولم يعد خبثها ينفعها، وصارت تتلاطم بين رياح التخبط باحثة عن حل يخلصها. هجرة الصهاينة لأوطانهم الأم زادت وظهرت للعلن، وزاد السخط الداخلي على منظومة أمن لم تعد تحمي أرواحهم، وسلاح بأيدي مستوطنين لم يشفع لهم للحياة، فالموت يحاصرهم ويتربص بهم، حتى صار لهم أقرب من حبل الوريد، ومن عاش في فلسطين يدرك تماما مدى حرصهم على الدنيا، هي دينهم وديدنهم.

إسرائيل النووية ليست قادرة على ردع صبية يحملون مدافع على شكل حجارة، وقاذفات سميت مقالع، وأسلحة فتاكة لطالما أطلق عليها السلاح الأبيض، فإذا أديرت الهبة بحنكة ستتطور إلى ثورة ثم انتفاضة تحرير، وهذا سيثبت بتنفيذ مطالب الحكومة الفلسطينية عاجلا، فإسرائيل ستستنجد كافة الأطراف بالتحرك، مخططاتها الانتهازية القريبة جمدت، وتقسيم المسجد الأقصى الزماني والمكاني أوقف.

الفلسطينيون في وضع متشائل، منهم المتفائل ومنهم المتشائم، فجيل الصبية اكبر المتفائلين، ومن يدعون الحنكة هم المتشائمون، والتاريخ يثبت أن التفاوض مع المحتل لا يجدي نفعا، فالمستقبل قريب، ومن وطئ فلسطين كثر، ولنقرأ كتب التاريخ، شواهدها بكل لغات أهل الأرض، وجميعها تتفق على خاتمة واحدة صيغت بكلمتين: «فلسطين حرة».

Email