ليست مجرد طائرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أطلت «دبلوماسية الكوارث» برأسها من جديد. هذه المرة بإسقاط المقاتلة الروسية على حدود سوريا مع تركيا، في حادثة رأى فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «طعنة في الظهر من جهات تدعم الإرهابيين».

اللافت أن الرئيس الروسي لم يكتف بهذا الكلام، بكل ما فيه من اتهام واضح، إذ لم يلبث أن أضاف أن «إسقاط المقاتلة الروسية مرتبط بتجارة النفط مع تنظيم داعش الإرهابي».

ولم يمر هذا الكلام مرور الكرام، فقد تلقفته وسائل إعلام تركية، فأفاضت في الحديث حول تجارة نفط الإرهاب عبر تركيا. وخصت شركة بعينها تتولى هذه العملية، كاشفة أن مالكها هو نجل الرئيس التركي، بلال رجب طيب أردوغان، الذي كان موضوع تحقيقات بالفساد خلال الفترة الماضية.

في سياق هذه الحيثيات، يبدو واضحاً أن القوى الدولية، بما في ذلك روسيا، تعرف جيداً وبالضبط، من يتعاون مع التنظيم الإرهابي، ومن يتواطأ معه. وأن إثبات تفاصيل ذلك ليس بالأمر المتعذر، ولكن لأسباب سياسية ودبلوماسية، يبقى ذلك في دائرة المسكوت عنه.

لهذا، فإن الصراحة المتلاحقة التي تحدث بها الرئيس الروسي حول الصلات مع التنظيم المالي، تشير إلى أن الطرف الروسي لم يعد على ما يبدو قانعاً بإغفال ما يعرفه في دائرة المسكوت عنه. ويمكن لنا أن نتصور لجوء موسكو في المدى القريب إلى ترويج قائمة بالمتعاملين مع الإرهابيين.

وتلقي هذه الحادثة، كذلك، أحمالاً ثقيلة على «آلية فيينا»، فالتأزيم مع أنقرة، يجعل موسكو لا ترتاح إلى أي دور تركي، غير أن هذا الدور يبقى مطلوباً. إضافة إلى أن موسكو ترى أن الرد الأقوى يكون بالتركيز على المهمة الأساسية في سوريا، مع استهداف مصالح التنظيم النفطية. وذلك إلى جانب قطف المكاسب التي أتيحت فجأة، ومنها وجود عسكري روسي كامل طويل الأمد في سوريا، على أساس «قاعدة»، ونشر منظومات استراتيجية. وهذا يعني أنه مقدر لمنطقتنا أن تبقى سنوات إضافية دائرة اشتباك دولي، وسيتعذر عليها، كما المقاتلة الروسية، توفير فرصة هبوط آمن!

بل ويدعونا هذا للاعتقاد بأن ما أسقط ليس مجرد طائرة!

 

Email