حقيقة بلاد العرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

في قديم الزمان، كنا ننشد دوماً: بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدانِ، ومن نجدٍ إلى يمنٍ، إلى مصر فتطوانِ، قصيدة نرددها بعز، بلا خجل، فلا حد يفرقنا، ولا دين يبعدنا، فكل العرب أوطاني. زمان كانت لنا فيه كلمة رغم ضعفنا، كنا ننظر للمستقبل ببشاير خير تداعبنا، تنادينا بأعلى الصوت، يا ابن العرب أنت إشراقة أمتنا، أنت ثورة نصرنا.

فلسطين كانت قضيتنا ونكستنا ونكبتنا، والقدس بوصلة أمتنا، ومن يحرفها فليس منا، فالأقصى تنزف له قلوب الملايين، والشعوب في الساحات منتشرين، يهتفون بحناجر الغضب، نريد تحرير فلسطين، فكانت رغم بساطتها شوكة في حلق الصهاينة المحتلين.

هذا الزمان غار، وبلاد العرب لم تعد كما كانت، فالشام فاضت بدماء ملل أبنائها، ولبنان شوه جماله الغدر بتفجير أهله، واليمن تصارع حوثياً بستار الظلم غطاها، ومصر كأم ثكلى تضمد جراح أهل بيتها، وليبيا سوق سلاح يغتال فلذات أكبادها، وتونس تجادل نفسها، وعراق تنكوي ببارودها، والسودان صار اثنين بتفرق شعبها، لتبقى البتول فلسطين وحيدة تدافع عن شرف أمتها.

انحرفت بوصلة الأمة، مشيرة لمصالحها، وترتب دفاتر همومها، فأمراض الربيع فاحت، تنقل عدواها بين الشعوب، وأفتكها فيروس الغرب داعش، الذي رسم خلافة وهمية ببطش مرتزقتها، محيراً الحكومات بإمكاناته وسرعة انتشاره، أعراضه تفكيك الشعوب وتحويل البوصلة عن نبض الأمة، فصنيعة الغرب لا بد أن تكون في زوال، بعد انتهاء مهمتها، مثل سابقتها من التنظيمات، وسيكون اندثارها بعد وقف الدعم عنها مما بدأ ينكوي من نارها.

فالغرب يدركون خطورة الفيروس على أمنهم القومي، فقادة "داعش" لا يهمهم إلا أمن إسرائيل، والصهاينة بطبيعتهم لا يوفون بعهد قط، فبدأوا باستهداف الحلفاء ممن شعروا بخطورة الوباء الجديد على دولهم، فشوارع باريس تشهد على حقيقة جرمهم. خطيئة الغرب في زوال، إذ أن "داعش" سينهار فجأة علنياً،..

كما ظهر فجأة إعلامياً، لكن بعد بضع سنين، ليست طوالاً، فما أسس بسنوات، لا يمكن أن يسقط بلحظات، لهذا فأي بوصلة تنحرف عن القدس، فهي مشبوهة، رغم جميع مبرراتها، وتبرير العار خزي، مهما كان الجدال.

Email