القدس الفلسطينية

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلف سور من الحجر العتيق تكمن حكايا مدينة السلام، بين أزقتها القديمة الضيقة مساحتها الرحبة روحها، من على سورها ترى كل ما لا تستطيع وصفه، كأنها سلسلة من الزنبق، تتوسطها قطعة من الذهب الخالص، تزين عنق سيدة، فتبهرك بسحر جمال عقدها، هكذا هي القدس حين تزورها.

في القدس أبواب على مدخلها تحتضنك بعبق عز كأم تلقى رضيعها بعد الغياب، أرضية ببلاط يحكي لك مجد الأجداد، ويقول لك من هنا مر عمر، وهنا وطأ صلاح الدين الثرى، في القدس حارات لأقوام كانوا قد مروا بها من كل أرجاء المعمورة، وفي كل حارة تحكى قصصاً عن أبطال وأسطورة، في القدس مسيرة سنين بأمتار معدودة.

في القدس جمال سحرها لا يكتمل إلا بحرم يزينها، هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مسجد يحكي لك عز الأجداد، ويظهر لك حاضراً من الذل والخزيان، للأقصى اقتحامات يومية مستمرة، لتثبيت التقسيم الزماني والمكاني للحرم، وجرحاً وإصابات لشيوخ وشبان، ومسح كرامة لحرائر ومرابطات، وتخاذلاً عربياً بمواقف أكبرها شذب واستنكار، حتى صارت القدس للفلسطينيين، ولم تعد كما كانت لكل العرب والمسلمين.

نتانياهو يصعّد، ويقر تقسيم الحرم على مرحلتين، وساسة العرب ينددون دون أي تصعيد حتى ولو بسحب السفير الإسرائيلي، أو إغلاق سفارة في بلد عربي بينها علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني، حتى صار الواقع المرير يحاكي نفسه أن إسرائيل صارت عدو الفلسطينيين فقط دون أن يكون للعرب طرف.

الأقصى يصرخ بلا مجيب إلا ببعض مقدسيين وأبناء فلسطين المحتلة عام 1948، وإذا استمر الحال على ما هو عليه من صمت مفجع ستكون النهاية لحرم ظل مقدساً للمسلمين حتى مئات السنين، فلتستفيقوا يا عرب.

Email