أبعد من المستوطنين

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أكبر الظلم والتجني الذي تناله القضية الفلسطينية التي تراجعت اليوم في سلم الاهتمام العربي هو حصر المشكلة في تعدي وهمجية المستوطنين اليهود وكأنهم فعلاً جوهر ولب القضية.

في قضية حرق الرضيع علي دوابشة الذي لحقه والده من قبل المستوطنين اليهود يستمر البعض في تسطيح القضية والحديث عن تجاوزات للمستوطنين وكأنهم كيان منفصل عن الاحتلال الذي وفر لهم تلك البيئة.

يتناسى الكثيرون أو ينسون أن الاحتلال الإسرائيلي أو قل اليهودي هو لب المشكلة ومن السذاجة أن نسطح هذه القضية الكبيرة ونحصرها في هؤلاء الناس الذين تلقوا ويتلقون كل الدعم من الدولة اليهودية وهم يتمتعون بامتيازات ودعم لا سابق له في الأراضي التي اغتصبوها من أصحابها.

إسرائيل تمثل اليوم آخر معاقل الاستعمار أو هي آخر قوة استعمار في العالم الحديث الذي أوجع آذاننا بأنه ضد احتلال أراضي الغير بالقوة ولا يمكن حتى على المستوى الدبلوماسي أو السياسي تحقيق أي نجاح إذا استمرت لغة العالم العربي أو المفاوض في الحديث عن لجم المستوطنين دون التطرق مباشرة إلى جوهر المشكلة وعصبها الرئيس وهو الاحتلال الذي يفترض أن يكون مرفوضاً شكلاً ومضموناً مهما تجمل بالقانون الذي يتحدث عنه.

لا يفترض بمن يتحدث عن القضية الفلسطينية حصرها في قضايا هامشية تنحرف تماماً عن الاحتلال كمفهوم بغيض خصوصاً أن بعض السياسيين يشير "إذا صلحت النيات" إلى ضرورة كبح جماح المستوطنين من قبل السلطات الإسرائيلية وهو تصرف غريب لا يليق أمام قوة احتلال تمارس الظلم بكل أشكاله بل إن مثل هذه التصرفات تعطي شرعية ضمنية للدولة المحتلة التي تتمنى المزيد من هذا الحديث.

ما سرقه المستوطنون وما فعلوه من حرق وتدمير للبشر والشجر الفلسطيني لا ينفصل تحت أي ظرف عن همجية اسمها الاحتلال الإسرائيلي والمطلوب عربياً على الأقل توحيد الخطاب وتوجيهه نحو لب القضية وجوهرها الرئيس وليس الغرق في مسائل وقضايا فرعية لا تسمن ولا تغني من جوع للفلسطيني وقضيته الأزلية وهي الاحتلال الإسرائيلي المفروض عليه منذ ستة عقود مضت تحت سمع وبصر العالم المتحضر.

Email