الخطوة الأولى

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم أستطع إلا التوقف طويلاً، عند الكلمة التي ألقاها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، أمام تأكيده أن هذا المشروع ليس إلا خطوة واحدة ضمن ألف خطوة يتعين على مصر أن تقطعها في مسيرتها إلى المستقبل.

هذه العبارة لا يمكن إلا أن تلفت النظر حقاً، فهي تؤكد وعي مؤسسة الرئاسة في مصر بأن الطريق إلى المستقبل لا يمكن إلا أن يمتد عبر مسار متتابع من الإنجازات، وفق منهج واضح ورؤية متكاملة.

لا يحتاج المرء إلى التأمل طويلاً في تاريخ مصر الحديث لكي يدرك أن وعياً مماثلاً كان هو الذي وقف تتابع خطوات الإنجاز في مصر الخمسينيات منذ صدور قانون الإصلاح الزراعي، بحيث تحولت خطوة البداية تلك إلى الخطوة الأولى في مسار ممتد.

لا يعني ذلك تشبيه تلك الإطلالة الأولى في التجربة الناصرية بما تشهده مصر اليوم، وإنما هو يعني أن هناك منهاج عمل يعتمد عناصر الاستمرارية والتواصل واستلهام طموحات الشعب المصري، هو الذي يفرض حضوره اليوم، ويملي استمراريته غداً.

في تجارب التحديث التي خاضتها الشعوب نحو التنمية والازدهار تشكل القيادة الاستثنائية الطرف الأول في معادلة النجاح، وقيادة السيسي .. وعد بقيادة استثنائية حقاً.

ولكن ماذا عن الأطراف الأخرى في هذه المعادلة؟

إن القيادة الاستثنائية لابد لها من أن تطبق سياسات استثنائية، ومن هنا تأتي أهمية التأكيد على الخطوات الألف التي أشار الرئيس المصري إلى أن مستقبل بلاده يمر بقطعها وإنجازها.

والسياسات الاستثنائية التي يتعين على مصر اتباعها لابد أن تمر بالجدارة والبراغماتية والأمانة، ذلك أن الجدارة لابد أن تكون المعيار الأول في من يعهد إليهم بالعمل في منجزات مصر المستقبلية، وهذه المشروعات لا تعكس إعادة اختراع العجلة، والأمانة في أبسط صورها تعني التخلص من الفساد ومن الفهلوة ومن العديد من العناصر التي طالما أحبطت جهود مصر والمصريين في العقود الماضية.

فرحة المصريين بمشروع القناة الجديدة لم تأت من فراغ، وإنما نبعت من إدراك أن مسيرتهم نحو المستقبل قد بدأت حقاً.

Email