منذ سبعين عاماً، ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على هيروشيما وناكازاكي، فقتلت وأحرقت عشرات الألوف في لحظات، وتوفي المزيد لاحقاً نتيجة للإشعاعات، فيما تستمر معاناة السكان إلى يومنا هذا.

واللافت فيما حصل هو أن الولايات المتحدة لم تفصح عن امتلاكها مثل هذا السلاح قبل إلقائه، ولم تهدد به اليابان لدفعها على الاستسلام، ولم تمهل اليابانيين وقتاً قبل إلقاء القنبلة الثانية، وباستثناء بعض العلماء، فإن معظم الشعب الأميركي لم يكن يعلم بوجودها.

القنبلة ألقيت في نهاية الحرب، كان العالم قد مر بكل أهوالها، والقصف الجوي منتشر في كل مكان، والأحقاد والمخاوف على أشدها، فيما دبلوماسية الحلفاء بين شد وجذب، لكن المتأمل في تلك الأوقات، لا يسعه، مع ذلك، إلا التساؤل عما كان يمكن أن يكون عليه الوضع لو أننا كنا نعيش حينها في عصر «ويكليكس» و«الإنترنت».

ونحن نعلم اليوم أنه في لحظة إلقاء القنبلة كانت الحرب تطوي صفحتها، واليابان هزمت وعلى استعداد للاستسلام، والقادة العسكريون الأميركيون لا يجدون ضرورة عسكرية لها، والحرب كان يمكن أن تنتهي قبل أشهر لو غيرت أميركا مطالبتها باستسلام غير مشروط والإبقاء على الإمبراطور، وهو ما قبلت به بعد الحرب لسخرية القدر!

وسواء أكان إلقاء القنبلة قد حرر البيت الأبيض من أي وعود قدمتها أميركا للاتحاد السوفييتي في مؤتمر يالطا، أو كان وسيلة لإملاء أميركا شروطها على العالم، أو هي «مأساة الرجل الصغير» في البيت الأبيض كما يقول الكاتب الأميركي دانيال ايلسبرغ، فإنه من الواضح أن القادة السياسيين في البيت الأبيض رفضوا اعلان النصر من دون إلقاء القنبلة اولا.

وفي النهاية، استسلم اليابانيون الخائفون من الاتحاد السوفييتي للولايات المتحدة، وترومان لم يأسف يوماً عما فعله، فيما تستمر بشكل محزن أسطورة القنبلة بأنها حققت النصر للحلفاء وأنقذت مئات آلاف الأرواح من غزو اليابان.

هل كان بإمكان «ويكليكس» و«الإنترنت» تغيير مجرى الأحداث لو أن هذا السلاح لم يبق طي الكتمان، أو لو أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت قادرة على نقل المآسي الإنسانية من جراء استخدامه، أم إن الوقت كان قد فات على ذلك؟.