سربرينتشا

ت + ت - الحجم الطبيعي

الكلمة بذاتها ترمز إلى معيار عال ـ إن جاز القول ـ من الألم والذكريات البشعة التي يرغب الكثير من الناس بنسيانها وبنفس الوقت هناك قسم آخر من البشر لا يريد النسيان لأن ذلك يعني وكأن شيئاً لم يحدث.

سربرينتشا مدينة لم تعكس فقط بشاعة البشر ومجازر الإبادة الجماعية بل امتدت بشاعتها إلى اليوم لأن عشرات من حالات الاغتصاب الجماعي نتج عنها حمل والبعض ما زال يعش إلى اليوم حائراً ممزقاً بين حنينه إلى أمه التي اغتصبت ووالده المغتصِب «بضم الميم وكسر الصاد» وكيف ينظر إلى كليهما.

عشرون عاماً مرت على تلك المجزرة البشعة التي تمثل أسفل ما في البشرية من أخلاق من جانب المعتدي الذي كان يملك السلاح والقوة التي مكنته من تنفيذ شهوة القتل.

قبل أيام بثت إحدى شبكات التلفزة تقريراً عن شاب هو ابن لاب اغتصب إحدى البوسنيات في سربرينتشا التي هاجرت فيما بعد إلى الولايات المتحدة لعلها تنسى حجم أحزانها ومأساتها وأب ما زال يعيش هناك. ويشير التقرير إلى أن الشاب حاول التقرب من والده الذي رفض زيارته وهي قصة من بين قصص عدة لشباب وشابات كان ذنب أمهاتهم الوحيد أنهن بوسنيات كتب علين إما القتل أو الاغتصاب في تلك المدينة.

نسيان هذه الأحداث ربما يؤلم أكثر من الكتابة عنها خصوصاً أنها حدثت في تسعينيات القرن الماضي وهي فترة ليست بالبعيدة وفي وقت كان حديث العالم «المتحضر» عن حقوق للإنسان وفي قارة عانت من حربين طاحنتين في أقل من نصف قرن وكان الأولى بها ليس فقط منع هذه المجزرة بل أيضاً ما سبقها من مجازر بحق مسلمي البوسنة.

بالرغم من أن «البعض» وليس جميع من أمروا وخططوا لهذه الهمجية المنظمة قدموا للعدالة لا أن الجرح لن يندمل بسهولة والذكريات أشد ألماً عند أولئك الناس الذي عاشوا تلك المأساة بكل تفاصيلها البشعة ورأوا بأعينهم مقتل الأحبة والأقارب دون ذنب سوى أنهم كانوا مسلمين.

Email