أولويات حتمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كانت هناك سمة محددة قد ميزت العام الذي انقضى على تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم، فإن هذه السمة لا يمكن إلا أن تكون الجهد الدائب والتحرك النشط على جبهة السياسة الخارجية، لتوثيق العلاقات بين مصر وأشقائها على امتداد العالم العربي، ومع أصدقائها وشركائها في العمل الإيجابي على امتداد العالم.

ومن المحتم أن الجهود الدائبة التي بذلها السيسي في هذا المجال لم تكن منفصلة عن العمل المكثف على الجبهة الداخلية، فالاستجابة لأي رجل دولة من جانب عواصم العالم لا يمكن إلا أن تكون على صلة وثيقة بما ينجزه في الداخل.

لكن الكثيرين يعتقدون اليوم أن العام الثاني من حكم السيسي سينصب، في المقام الأول، على الجبهة الداخلية بكل ما تحفل به من مهام وجهود وتحديات.

دعنا نلاحظ في هذا الصدد أن السيسي في خوضه لغمار انتخابات الرئاسة لم يطرح برنامجاً واضحاً ومحدداً، واعتمد على الشعبية الكبيرة التي يحظى بها.

دعنا نلاحظ أيضاً أن جهوده العديدة على الجبهة الداخلية لم تقترن، حتى الآن، برؤية واضحة ومحددة لمستقبل مصر، وبهذا المعنى فإن هذه الجهود هي محاولات للإصلاح ومراكمة الايجابيات، في مواجهة عقود من التداعي والفساد والتراجع والتجريف، لكنها لا تعكس تصوراً متكاملاً لكيفية المضي بمصر نحو المستقبل.

هكذا فإن انطلاق السيسي في العام الثاني من حكمه ينبغي أن يستند إلى تحقيق هذه الرؤية وترجمتها إلى برنامج عملي، يكفل تحولها من تصور إلى واقع.

لقد تعددت جهود مصر لبلورة مثل هذه الرؤية في العقود الماضية، ولكنها لم تصل إلى تصور معتمد يجري العمل وفقاً له.

ولسنا نشك في أن مؤسسة الرئاسة في مصر على تمام الوعي بهذه الحقيقة، ومن هنا فإننا ندرك أن مصر ستشهد طرح هذه الرؤية قريباً، بما تشمله من تصور لمستقبل مصر، لترسيخ أمنها، ولتحديد معالم مسيرتها الاقتصادية والاجتماعية، ولرسم خارطة أولوياتها ذات الأهمية الفائقة.

Email