النسيان المستحيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالنسبة للأجيال العربية الشابة، فإن هزيمة الخامس من يونيو عام 1967 تتراجع إلى حد الشحوب، وصولاً إلى أصداء خافتة تدور حول مفهوم النكسة، مع التشديد على أن انتصار أكتوبر عام 1973 قد أحال كل ما يتعلق بأحداث ذلك الضحى التعس الذي انقضت فيه الطائرات الإسرائيلية على المطارات المصرية، إلى هامش النسيان.

لكن الذاكرة العربية، أياً كان انشغالها بالتحديات العديدة على الساحة العربية اليوم، لا يمكن إلا أن ترفض إسدال ستار النسيان على أحداث تلك المرحلة.

السبب الرئيسي في ذلك هو أن ما حدث في هذا اليوم كان يحمل تأكيداً على أن تجربة التحديث العربية بحاجة إلى إعادة النظر في الكثير من المقومات التي تشكلها، بما يجعلها أكثر صلابة من أن تتعرض للانهيار، أياً كانت الضربات الموجهة إليها.

وتتعدد أسباب رفض نسيان ما جرى في الخامس من يونيو عام 1967، ولكننا ينبغي أن نتوقف عند طبيعة الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، في غمار تلك المرحلة المشؤومة.

لقد سجل الإسرائيليون أنفسهم بالوثائق والأفلام، جرائم قتلهم لأعداد كبيرة من الجنود المصريين الأسرى، وهم مشدودو الوثاق، وهناك فيلم بادر الإسرائيليون إلى سحبه ومحاولة حجبه عن أنظار العالم يصور بدم بارد قتل 250 أسيراً مصرياً، وهم مقيدون في سيناء.

من المؤكد أنه يتعين على منظمات حقوق الإنسان العربية أن تبادر إلى إعادة تقديم هذه الجرائم الإسرائيلية إلى العالم، للتأكيد مجدداً على وحشية المؤسسة العسكرية الإسرائيلية.

المحاكم الدولية هي الساحات التي ينبغي مقاضاة إسرائيل أمامها على هذه الجرائم التي نعلم جميعاً أنها لا تسقط بالتقادم، وأن تراب النسيان لا يمحوها، متى وإن تراكم عليها.

إننا نرصد اليوم المقاطعة التي تتعرض لها إسرائيل من جهات كثيرة على امتداد العالم، لكن التحرك الحقيقي ينبغي أن يأتي من جانبنا نحن العرب، وينبغي أن يتصدره تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى المحاكم الدولية. لينالوا جزاءهم عما جنته أيديهم.

Email