محكمة جنائية ولكن

ت + ت - الحجم الطبيعي

انضمام الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية والذي أغضب نتانياهو وأركان إدارته قد تكون خطوة مهمة وفي الاتجاه الصحيح نحو إلزام إسرائيل، ولو بالحد الأدنى، بالانصياع للقوانين الدولية، بالرغم من أن الدولة المحتلة تصرفت دوماً وكأنها فوق القانون مدعومة بأكبر قوة عسكرية وسياسية وهي الولايات المتحدة التي استخدمت الفيتو أكثر من 42 مرة منذ احتلال فلسطين لتجنيب إسرائيل أي عقوبات قانونية أو حتى معنوية.

هي فعلاً خطوة فلسطينية إلى الأمام، ولما لا ما دام أنها أزعجت الدولة المحتلة التي رأت فيها بداية تعرضها لفضائح قانونية رغم شكوكنا كعرب، والذين أدمنوا اليأس والهزائم السياسية والعسكرية، والشكوك هنا منبعها السطوة الأميركية في المحافل الدولية.

لكن الهم الفلسطيني لا يقتصر على معاقبة إسرائيل، فهناك علل داخلية تحتاج إلى علاج، وهو علاج قد يكون مؤلماً في بعض الأحيان، خصوصاً أن مسلسلات المصالحة الفلسطينية والحكومة الموحدة التي استبشر فيها الشعب الفلسطيني بقيت حبراً على ورق بكل ما للكلمة من معنى، ولم يتحرك الفلسطينيون إلى اليوم باتجاه أي منها مع تبادل الاتهامات من كلا الطرفين في غزة ورام الله.

مشكلات الفلسطينيين الداخلية هي الأولى بالحل قبل القضايا الخارجية، والبيت الفلسطيني الواحد بالحكومة الواحدة والشعب الواحد، هو عصب المقاومة أمام شراسة المحتل، والاتفاق على الحد الأدنى قد لا ينفع أمام حجم التحديات السياسية والاقتصادية.

آخر ما يتمنى رؤيته الشعب الفلسطيني هو الخلافات الداخلية، فهو في غنى عن مثل هذا الترف، والمطلوب تحرك بالاتجاهين وتقديم تنازلات مصلحية صغيرة في سبيل المصلحة الأكبر، وهي قضية الشعب والأرض التي ينهب فيها المحتل مصادرة واستيطاناً وتشريداً.

وفي هذه المقاربة نسأل هنا، ما الذي يمنع القيادات الفلسطينية، وعلى رأسها محمود عباس، من زيارة غزة وضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فهو من ناحية سيعطي أكثر من إشارة على أنه ما زال رئيساً لكل الفلسطينيين، وهي أيضاً تحذير ورسالة للجانب الإسرائيلي الذي رأينا ردة فعله على توقيع اتفاقية المصالحة قبل فترة حيال قضايا المفاوضات والتنسيق الأمني المنبوذ من الشعب الفلسطيني.

قبل المحكمة الدولية لا بد من محكمة داخلية وحوار داخلي يحرك المياه الفلسطينية لصالح الأرض والشعب.

Email