بين القاهرة وطوكيو

ت + ت - الحجم الطبيعي

توقف الكثيرون طويلاً أمام إشارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمته الختامية في المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، إلى البعثة اليابانية التي زارت مصر في أواخر القرن التاسع عشر، للاستفادة بدروس تجربة التحديث المصرية.

هذه الإشارة أثارت، ولا تزال تثير، الكثير من الجدل والنقاش، وبالنسبة لي، كانت دافعاً لإعادة مراجعة كتاب «سيرة فوكوزاوا يوكيتشي ومقدمة أعماله الكاملة»، الذي شرفت بترجمته من الإنجليزية إلى العربية قبل سنوات، وأصدره المجمع الثقافي، ومن المحزن، أنه لم يتم إصدار طبعة ثانية منه، على الرغم من أهميته الفائقة للباحثين العرب.

يشير فوكوزاوا يوكيتشي في كتابه، إلى أنه خلال قيامه بمهمة رسمية إلى أوروبا، حرص على النزول من السفينة التي أقلته إلى مصر، لتفقد معالم التحديث فيها، وأبدى اهتماماً استثنائياً بالسكك الحديدية المصرية، التي كانت محط اهتمام كل أبناء اليابان الذين زاروا مصر في تلك المرحلة.

 وعلى الرغم من أن الباحثين اليابانيين يميلون، على وجه العموم، إلى نفي تأثر بلادهم بالدروس التي خرجت بها مصر من تجربة تحديثها، إلا أن من الثابت أن بعثة يابانية على مستوى عالٍ، زارت قادة الثورة العرابية في منفاهم في سريلانكا.

وخرجت من تلك الزيارة بالتأكيد على ضرورة تمويل اليابان لمشروعات التحديث من التراكم الرأسمالي الداخلي، وليس من مصادر تتعلق بسوق التمويل الدولية، وهذا هو على وجه الدقة ما اعتمدته اليابان في عهد الإمبراطور ميجي، رائد التحديث الياباني الشهير.

وتظل البعثة التي زارت مصر من اليابان في عام 1872 في عهد الخديوي إسماعيل، والمؤلفة من خمسة من النبلاء اليابانيين المنتمين إلى طبقة الساموراي، تحظى باهتمام خاص من جانب الباحثين، خاصة في ضوء الصورة الشهيرة، التي التقطت لهم وهم يرتدون ملابسهم التقليدية أمام أهرامات الجيزة.

لكن في اعتقادي أن الأكثر أهمية من ذلك، الدراسات والتقارير اليابانية المتعلقة بتمويل تجربة التحديث اليابانية، والتي من المؤكد أن ترجمتها ستؤدي إلى إلقاء الضوء على غموض هذا الجانب.

ولعل أهم ما في إشارة السيسي، أنها تشكل دافعاً لمزيد من الجهود لتوثيق العلاقات بين مصر واليابان، في إطار تعاون مصر مع كل الدول التي يمكن أن تسهم في جهودها للنهوض الاقتصادي في المرحلة المقبلة.

 

Email