المتابعة الحتمية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفيض الكبير من الأرقام والاتفاقيات والالتزامات الذي تدفق على امتداد وقائع مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، يؤكد، بأوسع المعاني، رهانين لا موضع للمناقشة في ما يتعلق بهما.

الرهان الأول، هو رهان العالم على الاقتصاد المصري، وقدرته على التعافي السريع والتحول إلى أحد النمور المتوثبة في عالم الحراك الاقتصادي، حيث تتوافر لديه كل المقومات التي تمكنه من مواجهة التحديات الصعبة، التي تعرض لها في السنوات القليلة الماضية.

الرهان الثاني، هو رهان الشعب المصري نفسه على قدرته على النهوض من سنوات التجريف التي تعرض لها، والعودة إلى قدرته المشهود بها، تقليد بأعلى البناء والانطلاق والازدهار. وروح شرم الشيخ، لخصها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلماته الدالة والموجزة، التي أكد فيها أن «مصر تستيقظ الآن».

بكل المعاني، نستطيع القول إن المؤتمر قد شهد إنجازاً حقيقياً، لكن المهم بالدرجة نفسها، أن تدرك أن ما دار تحت سقف المؤتمر، لا يعدو أن يكون البدايات، التي تقتضي متابعة حتمية. الإطار الكلي لهذه المتابعة، هو عودة المؤتمر إلى الانعقاد سنوياً، لإعطاء المزيد من الزخم لكل المشروعات التي اعتمدت والاتفاقيات التي وقعت.

لكن هذه المتابعة ينبغي أن تبدأ اليوم، وأن تتسم بالدقة والقوة، التي شكلت أبرز ملامح عمل المؤتمر.

من المهم أيضاً، في إطار هذه المتابعة، التدقيق في مراحل المشاريع المعتمدة، ومعرفة أي عراقيل تعترض طريقها والمبادرة بالتغلب عليها وتجاوزها.

في إطار هذه المتابعة أيضاً، لا بد من مراجعة شاملة لكل الأفكار والاقتراحات التي طرحت في المؤتمر، وتبني رؤية نقدية وفاحصة لها، والانتقال إلى حيز التنفيذ، بما تثبت صلاحيته منها. والحديث عن الرؤية النقدية والفاحصة، ليس من قبيل الصدفة.

فبعض الأفكار التي طرحت في المؤتمر، تستحق الوقوف عندها طويلاً، ومنها ما طرحه الملياردير المصري نجيب ساويرس، من ضرورة تقليص القوة العاملة في إطار البيروقراطية المصرية، من سبعة ملايين موظف إلى مليون موظف فقط، مع تطوير قدراتهم.

ولا شك أن تطوير البيروقراطية المصرية أمر بالغ الأهمية ومطلوب، ولكن عبر منهاج آخر، غير أسلوب البتر، منهاج يستلهم تجارب ناجحة، كما في اليابان وماليزيا.

Email