نكتة الدولتين

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أطرف أخبار هذا الأسبوع، خبر تنكر نتنياهو لحل الدولتين، وكأن نتيناهو خلال الأعوام الماضية كان حلمه وشغله الشاغل تلك الدولتين، ووقته كله كان منصباً على الخرائط يقيس ويحدد الحدود حتى لا يظلم أحد في هذه الحسبة. النكتة هنا أننا نحن العرب من كان يروج لحل الدولتين، وليس حكام إسرائيل، الذين كانوا يروجون للسلام مقابل السلام، وهي فكرة لم يتركوها منذ اتفاقيات أوسلو قبل أكثر من عشرين عاماً.

كل من تسلم دفة الزعامة في الكيان المحتل، كان الهرولة باتجاه حل واحد، منع قيام أي شكل من أشكال الدولة الفلسطينية، بل إن الرئيس الفلسطيني كان يحتاج إلى إذن خاص للتنقل من مدينة فلسطينية إلى أخرى.

إذا كانت كل هذه الحواجز والجدار الذي يخترق آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وعمليات الدهم والاعتقال شبه اليومية، لا تصب في خانة تدمير كل مظاهر الدولة وتقطيع أوصالها، فكيف نفهم إذاً اعتراض نتنياهو وقادة الاحتلال عندما ذهب الفلسطينيون إلى الأمم المتحدة للاعتراف الدولي، حيث فشل المشروع بالفيتو الأميركي المعتاد. لم تترك إسرائيل باعتبارها قوة احتلال طريقاً إلا وسلكته لهدم كل ما تبقى من أوسلو، وكانت تفاصيل التفاصيل ديدنها الذي عملت من خلاله، مصحوباً بتسمين مدروس للمستوطنات، وفرض سياسة الأمر الواقع، فكيف يعقل أن نتحدث عن حل الدولتين في بيئة كهذه.

التنصل من حل الدولتين لم ولن يكون مفاجئاً، هذا إن وجد ذلك الحل من الأساس، لأن كل المفاوضات التي كانت تديرها إسرائيل مع الجانب الفلسطيني، كان ينصب على السلام مقابل السلام، دون الإشارة إلى الأرض أو المستوطنات التي تعتبرها إسرائيل حقها الطبيعي.

بلغة الأرقام، إسرائيل ضاعفت أعداد المستوطنين منذ أوسلو حتى نهاية عام 2013 خمس مرات. وبعد فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية، عام 2000، وصل عدد المستوطنين 210 آلاف، وفي 2012، قفز إلى 340 ألف، فهل هذه تسهيلات للدولتين؟؟؟؟

الغريب في الأمر أن البعض ما زال متمسكاً بهذا الحال، ولا يترك مناسبة إلا ويروج له، وكأنه حل نهائي، وكأن المحتل غادر الأرض وتوقف عن الاعتقالات وأزال الحواجز، ومن يشاهد الجدار الماثل اليوم، يدرك فعلاً أننا أمام آخر معاقل الاحتلال والاستعمار في العالم.

Email