الحكماء يلازمون الحكمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كانت هناك سمة بعينها يمكن القول إنها قد ميزت عملية صنع القرار السعودية، على امتداد العقود الماضية، فإن هذه السمة لا يمكن إلا أن تكون الحكمة، بمعنى إعمال العقل والحرص على إعلاء شأنه، في مواجهة أي موقف يقتضي قراراً حاسماً، إلى جانب الحرص البالغ على أن يكون القرار، في نهاية المطاف، محققاً لمصالح أبناء المملكة والأمتين العربية والإسلامية.

وقد وصل التمسك بالحكمة والحرص عليها إلى الذروة حقاً في عهد المغفور له بإذن الله تعالى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، فعلى مستوى صنع القرار الداخلي اتسم عهده بالاقتراب من أبناء المملكة والحرص على الحوار المباشر معهم، ومتابعة احتياجاتهم ومطالبهم والمبادرة بتلبيتها وبذل كل الجهود الممكنة لتحقيق التنوير، خاصة في صفوف الشباب، ليتاح لهم خدمة أمتهم والبعد عن التيارات والأفكار المتشددة، التي تم التصدي لها من خلال التنوير، والدعوة إلى الفهم الناضج والمتكامل للدين الإسلامي في تقاليده السمحاء النبيلة.

على المستوى الخليجي، اتسمت سياسة العاهل الراحل بالحرص على دعم مجلس التعاون والانطلاق به إلى تكامل أهدافه وتحققها، وقد كان له الفضل في إبعاد رياح الفرقة والاختلاف عن هذا الكيان، الذي برهن على قدرته الصلبة على مواجهة التحديات رغم تعددها.

ويصعب، على المستوى العربي، حصر إنجازات سياسات الملك عبد الله بن عبد العزيز، وأولها المبادرة العربية التي تظل حتى اليوم الطرح العربي الذي يتسم بالتكامل والوضوح والاقتدار لحل القضية الفلسطينية.

وكان لمبادرات العاهل الراحل أكبر الأثر في كبح جماح التداعي الذي عرفته دول عربية عدة أوشكت على التمزق الكامل، وحرص على تقديم كل المساعدات الممكنة التي تكفل رفع المعاناة عن أكبر عدد ممكن من أبناء هذه البلاد.

وهنا يبرز بصفة خاصة الموقف النبيل الذي تبناه الملك عبد الله بن عبد العزيز من مصر، حيث بادر إلى الوقوف إلى جانبها عبر سلسلة من الخطوات العملية الفعّالة التي جاءت في وقتها المناسب، ولا تزال تترك تأثيرها حتى اليوم، ولعلنا لا ننسى أن مؤتمر مصر الاقتصادي المقرر عقده في مارس المقبل هو مبادرة تقدم بها كبير العرب، كما وصف عن جدارة واستحقاق.

ولسنا نشك في أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سيمضي قدماً بهذه السياسات النبيلة، ويضيف إليها المزيد، فالسمة الأولى للحكماء، كما نعرف جميعاً، هي أنهم يلازمون الحكمة.

Email