ما لم يفعله السيسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

من إيطاليا وفرنسا إلى الصين ثم الكويت وأسبانيا تتوالى المحطات التي ينطلق إليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في إطار جهوده المكثفة لتوثيق علاقات مصر بالعواصم التي يعنيها تعزيز التعاون، وبصفة خاصة في المجال الاقتصادي، ليضاف هذا التحرك الكبير إلى جهوده على الجبهة الداخلية، التي تستهدف في المقام الأول تعزيز الأمن ودفع جهود التنمية والبناء.

ما فعله السيسي في الأشهر الستة الأولى من حكمه كثير ومهم، بكل المعايير، ولكن الجميع يدرك أنه بحاجة إلى القيام بما هو أكثر من ذلك، فالتداعي الذي عرفته مصر على مدار ثلاثين عاماً ترك ركاماً هائلاً، وخلف تحديات تقتضي مواجهتها جهداً كبيراً بكل المعايير أيضاً. هذه المواجهة تنفتح على سؤال كبير ومؤرق، من أين يمكن البدء؟

هناك ملمحان هما الأكثر بروزاً، في الإجابة على علامة الاستفهام الكبيرة هذه، وكل ملمح منهما هو مهمة كبيرة، تعد أولوية لابد للرئيس المصري من التصدي لها. الملمح الأول في الإجابة الصعبة التي يواجهها السيسي هو رؤية لمستقبل مصر.

هذه الكلمات الثلاث الأخيرة هي المهمة الكبيرة التي يتعين على السيسي القيام بها، فبدون هذه الرؤية الكلية لمستقبل مصر سيظل ما يتم القيام به هو جزئيات في بانوراما هائلة، أبعد ما تكون عن التكامل والانخراط في برنامج زمني واضح للإنجاز. هنا قد يبرز تساؤل: هل هذه الرؤية لمستقبل مصر هي مسؤولية السيسي أم أنها مسؤولية النخبة المصرية بكاملها، وبالتالي فهي مسؤولية الجميع؟

دعنا نتذكر الحكمة الناجمة عن تجارب الشعوب، وهي أن مسؤولية الجميع هي مسؤولية لا أحد، بمعنى أن التعميم في سياق خطير كهذا يعني الإهدار، قبل أي شيء آخر.

هكذا يفرض المنطق وتفرض التجربة، بما في ذلك تجربة الشعب المصري نفسه، أن تظل بلورة رؤية لمستقبل مصر مسؤولية الرئيس المصري، وله في هذا المجال أن يستعين بمن شاء في إنجاز هذه المهمة، لكنها تظل مسؤوليته على وجه الحصر، حتى وإن عهد بجوانب منها إلى لجنة كلجنة الخمسين، التي صاغت الدستور المصري الجديد.

 الملمح الثاني لا يقل أهمية ولا خطورة عن سابقه، وهو بلورة تحالف القوى الوطنية الذي يمكن أن يتصدى لأصعب مهام المستقبل.

فهل نرى البداية على الجبهتين قريباً؟

 

Email