مستوى الأداء

ت + ت - الحجم الطبيعي

يلفت النظر في الاستطلاع الذي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، حول رأي المصريين في أداء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد ستة أشهر من توليه الرئاسة، أن نسبة الموافقين على أداء السيسي بلغت 86%، وهي تقريباً النسبة نفسها التي تم رصدها الشهر الماضي.

تبدو هذه النسبة منطقية إلى حد كبير، في ضوء الحقيقة القائلة إن مؤسسة الرئاسة هي من أبرز مؤسسات مصر التي تبذل جهوداً كبيرة لأداء مهامها، وهي مهام عديدة، ولا ينقصها التعقيد. وتركيزنا على المؤسسة لا الشخصية ليس مصادفة، فجانب ليس باليسير من مشكلات مصر يتعلق بمستوى الأداء المؤسسي، قبل أي شيء آخر.

دعنا نتذكر في هذا المجال أن مركز «بصيرة» نفسه يؤكد لنا في دراسة أخرى، أن 86% من الباحثين الذين جرى استطلاع رأيهم يرون أن المناخ التشريعي والموسسي في مصر لا يساعد على الابتكار والبحث. وهي نسبة أقل ما توصف به أنها خطيرة، وتشكل مؤشراً انتقادياً لا يستهان به.

وإذا توقفنا عند المؤسسة التي تلي الرئاسة في الأهمية، وهي مجلس الوزراء المصري، فإننا سندرك أنه رغم الجهود الميدانية الكبيرة التي تبذلها، إلا أن هذه الجهود لا تندرج في إطار تصور شامل أو رؤية واضحة لطبيعة المرحلة والمسيرة المستقبلية، انتقالاً إلى المرحلة المقبلة.

ومركز «بصيرة» نفسه يقدم لنا رؤية رقمية واضحة في هذا الصدد، حيث تشير إحدى دراساته إلى أن 56% من المصريين يرون أن أداء المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء هو أداء جيد، بينما 15% منهم يرونه متوسطاً و26% لا يستطيعون التحديد.

غير أن المؤسسات التي يبدو مستوى أدائها مروعاً حقاً هي الأحزاب المصرية، فهي على بعد أشهر قلائل من الانتخابات البرلمانية، لكن السمة السائدة لها جميعها أنها أبعد ما تكون عن أن تقدم الحد الأدنى من البرامج التي ستخوض بها الانتخابات المقبلة.

 ربما لهذا على وجه الدقة فإن هذه الأحزاب لم تستطع التوصل إلى التكتل والتجمع الذي وعدت به جماهيرها، ولم تستطع أن تبلور رؤية للمستقبل، وكأنها جميعاً تتنافس في التردي في مستوى الأداء والبعد عن هموم الشارع المصري الحقيقية.

الحقيقة الأساسية هنا هي أن مؤسسات مصر لا تمتلك ترف الافتقار إلى الرؤية، ولا تستطيع أن تمضي إلى المستقبل على أرضية من تدني مستوى الأداء، لأن ما تواجهه من تحديات يفرض عليها أن تدرك أنها في زمن المعارك، وأن تتشح بروح النضال.

Email