حقائق واضحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

من الذي قال «إن الحرب سيدة الجميع وأم الجميع أيضاً»؟ وما الذي كان يقصده بذلك؟ وبأي معنى تضيء هذه العبارة ظلمة الأحداث التي عاشتها مصر أخيراً؟

هذه العبارة قالها، في فجر الفكر الإنساني، الفيلسوف اليوناني القديم هيرقليطس، وتابعها مستنكراً: «الراحة والهدوء؟ دعوهما للموتى، حيث يمتان لهم». وما يؤكد عليه الفيلسوف الكبير هو أنه على أساس الحرب يتم فرز الناس، وتتضح معادنهم، فهي إما أن تحررهم وتجعلهم متكاملين ضمن الأيقاظ، إذا أرادوا الحياة وما هو كلي فيها، لكن إذا أرادوا ما هو جزئي فإن مصيرهم أن يكونوا عبيداً ضمن النيام.

ومجمل المعاني التي قصدها هيرقليطس يعود إلينا اليوم واضحاً أشد الوضوح، فمصر التي كرست السلام نهجاً وطريقة للحياة، تفرض عليها الحرب اليوم، وهي لا بد أن تخوضها، كما اعتادت أن تمضي عبر عبابها عندما يغدو ذلك حتمياً على امتداد تاريخها.

لقد شيعت مصر، أخيراً، جثامين 31 من شهدائها، مضوا ليدفنوا في ترابها، من الأقصر جنوباً إلى الدقهلية في الشمال، وليؤكد انتشار دمهم أن مصر لا تواجه خروقات أمنية بين حين وآخر، وإنما تواجه حرباً تشن عليها، ولا بد لها أن تتصدى لها.

وإعلان حالة الطوارئ في المنطقة من سيناء التي شهدت سلاسل من الجرائم الموجهة ضد أبناء الجيش المصري، خطوة ضرورية كان لا بد من اتخاذها في إطار الحرب المعلنة على مصر، والتي يرمي من يشنونها إلى إضافتها إلى دول أخرى في المنطقة تستعر فيها نيران الحروب، وتهدد مصيرها، بل ووجودها ذاته.

لقد غدا جلياً للكافة أن مصر تواجه من يريدون قطع الطريق الذي يمتد بها إلى المستقبل الذي تريده من التنمية والازدهار، ومن هنا أصبح حتمياً أن تخوض غمار الحرب التي فرضت عليها، وأن تنظر إليها وتتعامل معها باعتبارها كذلك، أي باعتبارها حرباً تفرض أن تحشد لها قدراتها، وأن تتصدى للقتلة الذين يتربصون بأبنائها، ويسعون إلى سفك دمائهم.

ومن المحقق أن خوض هذه الحرب سيندرج في إطارها الكلي، وسيخرج من إطار ردود الأفعال، وسيمتد على الطريق الصحيح، طريق تخليص مصر ممن يتربصون بها، لتتابع مسيرتها نحو مستقبل أفضل، يكرس لتحقيق أهداف التنمية والازدهار، تحت أفق من الأمن والأمان.

Email