ما بعد القمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان من الطبيعي أن تحظى القمة التي عقدها الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي والسوداني عمر البشير، بقدر ليس باليسير من الاهتمام، على الرغم من أن ما توصلت إليه من نتائج يندرج في شريحة الحد الأدنى.

القمة انعقدت على خلفية من قدر ليس باليسير من الخلافات بين الجانبين، ومن المؤكد أنه ليس من قبيل الصدفة أن تتجاهل أجندتها الخلافات الأيديولوجية بين الجانبين، وأيضاً يسدل ستار الصمت على الخلاف الذي جرى تضخيمه حول حلايب وشلاتين. ومن هنا فإن النتائج التي توصلت إليها القمة، على الصعيد الإجرائي، تعد بداية جيدة، يتعين الانطلاق منها والبناء عليها لتطوير العلاقات بين البلدين.

أبرز هذه النتائج، بالطبع، رفع مستوى اللجنة المشتركة بين البلدين من المستوى الوزاري إلى المستوى الرئاسي، وتفعيل اتفاقيات الحريات الأربع، التي تعطي الامتيازات نفسها للمواطنين في البلدين، وهي حرية الإقامة والتنقل والعمل والتملك، بما ينعكس إيجاباً على شعبي البلدين.

هكذا فإن قيمة القمة ونتائجها، بالنسبة لرجل الشارع في البلدين، تكمن في ما سيترتب عليها من الآن فصاعداً على مستوى الحياة اليومية، على مستوى الإجراءات والمعاملات ومعيشة الناس في البلدين.

هذا لا يعني بحال التقليل من قيمة إنجاز القمة، فنحن لا نملك إلا تقدير التأكيد على التوافق الكامل بين القيادتين بالنسبة لكافة الموضوعات والقضايا المطروحة على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي. وهذا التوافق لا بد أن ينعكس، على سبيل المثال، على موقف البلدين مما يجري في ليبيا، بحيث لا يتحول التمزق الذي تشهده الساحة الليبية إلى مصدر تهديد للأمن في أي من دول المنطقة.

ومن هنا تأتي أهمية إشارة الرئيس السيسي إلى أن بناء العلاقات بين الدول يحتاج إلى الحرص والعمل على أن تستمر العلاقات بنفس القوة والفاعلية التي نريدها.

الناس في البلدين، وفي العالم العربي بأسره، ستكون عيونهم على تطور العلاقات الثنائية في مرحلة ما بعد القمة، فالكلمات، حتى الكبيرة منها، تظل مجرد كلمات، ما لم تترجم إلى تأثير إيجابي في حياة الشعوب.

Email