ما بعد المؤتمر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بذلت الدبلوماسية المصرية جهوداً مكثفة لعقد المؤتمر الدولي لإعادة إعمار غزة، وضمان نجاحه في القاهرة، حيث التزمت الدول التي شاركت في فعاليته بتقديم 5.4 مليارات دولار، يخصص نصفها لإعادة إعمار غزة. ونلاحظ أنه قد تعددت المؤشرات، خلال المؤتمر، التي تلقي الضوء على ما يمكننا توقعه بعده.

الملاحظة الأكثر أهمية في هذا الصدد، هي المتعلقة بالسقف السياسي للمؤتمر، فقد شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على أهمية جعل المؤتمر نقطة انطلاق حقيقية لتحقيق السلام، استناداً إلى الرؤية التي تكرسها المبادرة العربية للسلام.

ويلفت نظرنا أيضاً أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد شدد، في كلمته أمام المؤتمر، على ضرورة إيجاد مقاربة دولية جديدة لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، تنهي الاحتلال.

وفي السياق ذاته نتوقف عند دعوة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لتجديد الالتزام بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، حيث أعرب عن اعتقاده أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين وجميع جيرانهم. وأخذاً في الاعتبار تجارب المؤتمرات المماثلة السابقة، فقد جرى التشديد على ضرورة وفاء الدول المشاركة في المؤتمر بالتزاماتها، وضمان تأثير هذه الالتزامات في حياة الفلسطينيين.

ومن المهم أن نلاحظ أن مؤتمر القاهرة شهد التفاتة جادة إلى ما بعد انتهائه، ومن هنا جاء قرار عقد اجتماع آخر في مارس 2015، في إطار دعم الجهود المقبلة، التي من شأنها التوصل إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.

غير أن هناك لمحات في كلمة الرئيس الفلسطيني تستحق التوقف عندها طويلاً، فهو قد شدد على إنهاء أطول وآخر احتلال في التاريخ. وعباس طرح مجموعة من التساؤلات عما إذا لم يكن الأوان قد آن لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني ووصوله إلى دولته، التي يتاح له على أرضها أن يعيش حياته ككل الشعوب، بعيداً عن الاعتداءات المتكررة. وتساؤلات الرئيس الفلسطيني في موضعها حقاً، ولكن الرد الإيجابي عنها منوط باستمرار نضال الشعب الفلسطيني نفسه، ودعم العرب جميعاً لهذا النضال، الذي لا يعدو المؤتمر وما بعده أن يكون جزءاً منه، أو هكذا ينبغي أن يكون.

Email