الثورة الرابعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في اللقاء الأول من سلسلة الحوارات التي يتابعها المشاهدون هذه الأيام مع الكاتب الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل، أشار إلى كتابين على جانب كبير من الأهمية، أولهما كتاب برنارد ليفي شتراوس بعنوان «الثورة الليبية» والثاني كتاب جون ماكلثويت وأدريان وولدريدج بعنوان «الثورة الرابعة: السباق العالمي على إعادة ابتكار الدولة».

وكتاب شتراوس يلقي أضواء مهمة على الثورة الليبية، وهو يستحق مناقشة تفصيلية في غير هذا المقام.

أما كتاب «الثورة الرابعة» فيتناول ماضي الدول الغربية الليبرالية ومستقبلها، وقد عاش عقوداً طويلة من الاستقرار والازدهار، ولكن قادتها وجدوا أنفسهم أمام تغيرات عاصفة، وأمام دول آسيوية عديدة، في مقدمتها الصين، تكسب أرضا على نحو سريع في السباق العالمي الذي نشهده اليوم.

لا يتردد المؤلفان، وهما من فريق تحرير مجلة «إيكونوميست» اللندنية، في الاعراب عن قلقهما إزاء المشهد العام اليوم، وهما يحذران من أن الدول الديمقراطية الليبرالية في الغرب قد أصبحت كبيرة للغاية وهو تطور يصفانه بأنه يجعل الدولة كياناً «سوبر عملاق» على حد تعبيرها.

وهما يعربان عن اعتقادهما بأن النمو غير المكبوح الجماح للحكومات ساهم في كل العلل والمشكلات التي تعاني منها النظم الديمقراطية في الغرب، وفي مقدمتها الاختلال السكاني والأزمات المالية وتهاوي شبكة الضمان الاجتماعي.

يرى المؤلفان أنه لعلاج هذه المشكلات والتصدي للتحديات التي تطرحها النماذج السلطوية، كما في حالة الصين وغيرها، فإن الأنظمة الديمقراطية لابد لها من اللجوء إلى اعادة الابتكار.

ووصفتها الأساسية للحكومات هي أن تنكمش، وخاصة من خلال توظيف تقنية المعلومات لإضفاء الطابع اللامركزي على الادارة العامة.

ومثل هذا المنهاج قد يقلل نطاق تمكن الحكومة، ولكنه يفضح المجال لمعالجة مشكلات أكبر، مثل تداعي البنية التحتية وتفاقم الظلم والتشظي الاجتماعي.

ولعل أهم ما في هذا الكتاب هو أنه يقدم منهاجاً يمكن تطبيقه لمعالجة المشكلات، التي وصلت إلى حد الانفجار، في مختلف أرجاء العالم الثالث، وفي صدارته عالمنا العربي.

 

Email