سياسة السلام المعتادة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بناء العلاقات الدولية وتفعيل السياسة الخارجية والتفاعل مع جميع السياسات والمرونة في التعامل معها، والتركيز على الدوافع الإقليمية والدولية وفق أسس وثوابت تتناغم بشكل كبير مع الأطراف الأخرى، أمور تتطلب جهداً كبيراً جداً ووقتاً ليس بالهين، لتمرير الأوراق وتفكيك العقد في تلك العمليات التي تحتاج صبراً عظيماً وحنكة ودهاءً سياسياً ودبلوماسياً شاقاً، وما مرت به دولة الإمارات العربية المتحدة وواجهته بحزم وإصرار في سبيل بناء سياسة خارجية معتدلة وواضحة، كلفها الكثير والمزيد من العمل والبناء لأهداف تنموية وإنسانية وصحوة فكرية ترفعها بفخر واعتزاز.

فمنذ بزوغ فجر دولة الإمارات وتشكل سياستها الخارجية وصياغة أجندتها السياسية، وهي تتخذ مبدأ السلام والألفة والصداقة مع الجميع، وهذا نهج المغفور له بإذن الله تعالى الوالد الشيخ زايد رحمه الله، وإخوانه حكام الإمارات، ورئيسنا صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي يقود مسيرة الدولة ويتكفل بإنجازاتها وسعادة شعبها على نفس النهج والمبدأ.

الأحداث تتحدث تفصيلياً عما واجهته الدولة من تحديات عظيمة لدحر المظالم عنها، وكبت أنفاس المتربصين الذين يسعون بشراهة لشق صف التعاون وخلق الانفلات الأمني بشكل خاص، كي تنجح مساعي المغرضين يوماً.

فبكل صراحة نعترف بأن الدولة تعرضت لحملات إعلامية مضللة ومزدوج من جانب بعض الإعلام غربياً وعربياً، ومن المتطرفين دينياً وأخلاقياً، ولكن ردة فعل الشعب الغاضبة وموجة الولاء الجارفة عصفت بمخططاتهم ودمرتها، وأحرقت جميع أوراقهم بلا هوادة، ورد كيدهم في نحورهم جداً بجهود الشعب الذي أقسم أن يصون شرف وطنه ويتصدى للمظالم والمساوئ بشتى أشكالها.

سياسة الإمارات الخارجية اتسمت بالهدوء والاتزان في المجتمع الدولي، ونالت على ذلك التقدير والهيبة، فما تتمتع به سياسة الدولة من متانة وثقل دولي جعل العالم ينحني لها احتراماً وتقديراً، لحرصها الدائم على السلم والتعاون الدولي.

ونتيجة لذلك تتعامل الدولة مع جميع الأطياف والمتغيرات السياسية بحنكة وهدوء، مبتعدة عن النهج التصعيدي ليس ضعفاً.. ألف لا وكلا، ولكنها مبادئ تأسست عليها أركان الدولة، واتخذت من مبدأ السلام سلاحاً لإضعاف المتربص وكسر تعنته وإجباره على إعادة ترتيب حساباته على أساس الاحترام المتبادل بين الدول والسلام بين الشعوب، وهكذا استقبل المجتمع الدولي سياسة الإمارات وعرفها كل المعرفة، وهكذا علمنا الوالد زايد وأوصانا خير الوصايا، فالسلام سلاح قوي يحبط قوة العدو ويخضعه للتراجع والاعتذار، وما تتعرض له الدولة ليس إلا موجة كشفت لنا الكثير، وأعادت ترتيب بعض أوراقنا وتقويتها، والاستعداد لخوض المواجهات بسياسة العقلانية السلام المعتادة.

Email